ولا بين وجود المارة أو ترقبها وعدمهما، وحكمة الحكم لا يجب إطرادها ولا يدور عليها، خصوصا مع عدم ذكر النصوص لها في صورة العلة، نعم عن كشف الالتباس والروض والمسالك والبحار أنه لو تعطلت المارة اتجه التحريم والفساد، وقيده في المدارك بما إذا كانت موقوفة لا محياة لأجل المرور، ثم قال: ويحتمل عدم الفرق، قلت: كأنه لحظ في الأول أن له التصرف بما يريد وإن حرم عليه منع الغير من الاستطراق، وإثمه في الثاني لا يرفع الإذن في الأول وإن كان هو مقدمة له، ولا دليل على حرمة التصرف عليه في هذا الحال، ولذا لو منع المارة بغير فعل الصلاة ثم صلى حاله لم يكن إشكال في الصحة، لكن ذلك كله في المحياة، أما الموقوفة للاستطراق فلا ريب في تحقق الغصبية فيها، ضرورة كون صلاته في هذا الحال تصرفا منافيا لغرض الواقف، فيحرم الكون حينئذ كالدار المغصوبة، قلت: يمكن دعوى مثله في الأول أيضا بأن يقال أن له التصرف غير المنافي للاستطراق، أما هو فمحرم أيضا، فتبطل الصلاة كالكون في الدار المغصوبة، ويكفي في الدليل على ذلك حرمة الضرر والاضرار فضلا عن غيره، وفرق واضح في المقدمات بين كونها أفرادا للمنهي عنه وعدمه، ولعل ما نحن فيه من الأول، وبالجملة فالمسألة مبنية على كون المقام من مسألة الضد أو الصلاة في الدار المغصوبة، لا أن المحرم أمر خارجي عن الصلاة، كما يقال مثله في المسجد على ما عرفت سابقا.
وكيف كان فالمنساق من النصوص كون المراد بالطرق في البراري ونحوها لا المدن، إلا أن ظاهر بعض الأصحاب بل صريح آخر عدم الفرق، ويؤيده أنه مقتضى الحكمة المفهومة في المقام، بل فيها أشد، بل هو مقتضى عموم الخبرين السابقين وغيرهما بل لذلك قيل بشمول الحكم للطرق المرفوعة مع إذن أربابها وإن كان لا يخلو من إشكال، وأشكل منه تعدية الحكم لبعض الطرق في الدار ونحوها، لعدم انسياقه من الطريق، وإن كان التعميم للخبرين مع التسامح في الكراهة لا يخلو من وجه، اللهم إلا أن