ولا يضر الافتراق بأن كل جهة من الكعبة قبلة على العموم بخلاف ما أدى إليه الاجتهاد فإنما هو قبلة لهذا المجتهد.
وكذا الكلام إذا علم أحدهما واجتهد الآخر وتخالفا وإن لم يذكروه من غير فرق بين اقتداء العالم بالمجتهد والعكس، وإن كان الأول أبعد، إلا أنه لا بأس به عند التحقيق، لصحة صلاته واقعا في حقه لا عذرا، ولا يجب في الائتمام أزيد من ذلك، ومن الغريب تعليل الذكرى عدم الجواز في أصل المسألة بأن المأموم إن كان محقا في الجهة فسدت صلاة إمامه، وإلا فصلاته، فيقطع بفساد صلاة المأموم على التقديرين، إذ قد عرفت أنه لا فساد في شئ من صلاتهما بعد بدلية الظن شرعا كالتيمم، وأضعف من ذلك احتمال البطلان في الخطأ اليسير في التذكرة، ثم قال: وهو أحد وجهي الشافعية، والثاني له، ذلك لقلة الانحراف، ثم قال: وهما مبنيان على أن الواجب إصابة العين أو الجهة، ونحوه عن نهاية الإحكام، إذ فيه مع أنك قد عرفت فيما تقدم كون فرض البعيد الجهة عنده وعند غيره أنه لا وجه لهذا البناء، ضرورة عدم حصول الجهة فيه أيضا، وإلا لجاز اختيارا التوجه إلى ما بين المشرق والمغرب، لأن الواجب الجهة، والفرض حصوله، بل هو ليس إلا لتنزيل الشارع له منزلة القبلة مع العذر، فصلاة كل منهما صحيحة واقعا نحو ما قلناه في التخالف الكثير، فالقول بالصحة هنا عند التأمل لازمة لها هناك، مع أن الشهيد استقرب الجواز فيها ومنع في تلك، وفيه ما لا يخفى.
ومن ذلك كله يظهر لك الحال فيما ذكروه هنا من أنه لو صلى جماعة جماعة في ظلمة بالاجتهاد فلما أصبحوا علموا الاختلاف ولم يعلموا جهة الإمام صحت صلاتهم عندنا ولا قضاء، بل يمكن ذلك على القول الآخر أيضا، إذ لم يعلم أحد منهم مخالفة الإمام كما استوجهه في التذكرة لكن في الذكرى أن الأقرب أنه إن كانت الصلاة مغنية عن القضاء بأن لم يكن في الجهة استدبار، أو قلنا إنه لا يوجب القضاء فصلاتهم صحيحة، والتخالف