كشف اللثام أنه ظاهر المعتبر، لقوله: " وفي بيوت النيران والمجوس إلا أن ترش " وفي المدارك " إن الأصح اختصاص الكراهة بموضع عبادة النيران، لأنها ليست مواضع رحمة، فلا تصلح لعبادة الله " قلت: ولعله يمكن تنزيل المطلق من عبارات الأصحاب عليه، لكن صرح ثاني المحققين والشهيدين وسيد المدارك بأن المراد المعدة لاضرام النار بها عادة وإن لم تكن موضع عبادة، بل صرح الأولان بأنه على ذلك لا فرق بين وجود النار حال الصلاة وعدمه، وكأنهم أخذوه من إطلاق اللفظ، وتعليل المشهور الكراهة كما قيل بأنه تشتبه بعبادها، وإن استضعفه في المدارك، وفيه أن الاطلاق منصرف إلى الأول، والتعليل لا ينافي الاختصاص، بل ظاهر كشف اللثام أن مفاده الاختصاص، وحينئذ يتجه الحكم بالكراهة للاجماع المزبور المعتضد بما عرفت، وبتعليلي المشهور والمدارك، بل وبالمحكي من علل محمد بن علي بن إبراهيم من أن العلة في كراهة الصلاة في بيت فيه صلبان أنها شركاء يعبدون من دون الله، فينزه الله تعالى أن يعبد في بيت يعبد فيه من دون الله، على أنه يمكن القول بالتعميم بعد التسامح بأن الصلاة في غير المعابد من بيوت النيران كالفرن والأتون والمطابخ ونحوها أقرب إلى معنى التشبه بهم من الصلاة في نفس المعابد، فمع فرض كراهة التشبه بهم - كما يظهر معلوميته بين الأصحاب من التعليل المزبور، بل يومي إليه في الجملة ما تقدم في أخبار الجنائز (1) من تعليل النهي عن اتباع الجنازة المشيع بأنه من عمل المجوس الكاشف عن أن المراد في الأمر بمخالفة أهل الكتاب في غيرها من أخبارها كراهة المشابهة لهم - يتجه حينئذ الحكم بتعميم الكراهة، لكن مع عدم إرادة خصوص الصلاة من بين أفراد المشابهة، اللهم إلا أن يدعى مرجوحية التشبه بهم فيها بالخصوص، أن يستند في الكراهة إلى
(٣٦٧)