والأدوية ومرابط الإبل وعلى ظهر الكعبة " وخبر عبيد بن زرارة (1) سمع الصادق (عليه السلام) يقول: " الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة " وخبر النوفلي (2) " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الأرض كلها مسجد إلا الحمام والقبر " وموثق عمار (3) سأل الصادق (عليه السلام) " عن الرجل يصلي بين القبور، قال: لا يجوز ذلك إلا أن يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه وعشرة أذرع من خلفه وعشرة أذرع عن يمينه وعشرة أذرع عن يساره ثم يصلي إن شاء " والشاهد الاجماع السابق المعتضد بما عرفت، وجمعه في المرسلين وغيرهما مع معلوم الكراهة بلفظ واحد، وعموم المجاز وإن كان جائزا إلا أنه محتاج إلى قرينه، وليست، بل خلافها موجود، على أن شاهد الجمع يحتاج إليه بعد فرض تكافؤ الأدلة، ومن المعلوم رجحان أدلة الجواز سندا واعتضادا ودلالة، فيتعين حمل المنافي حينئذ على الكراهة التي هي بعد التسامح فيها أولى من الطرح، بل الظاهر انسياقها إلى الذهن بعد فرض رجحان المقابل، وصيرورته بذلك كالنص على الجواز مع معلومية كون كلامهم (ع) بمنزلة متكلم واحد وأن الخبر الوارد عنهم (ع) بالطريق المعتبر حجة علينا يعامل معامله المسموع منهم.
ومن ذلك يظهر أن الجمع بينهما بحمل ما دل على الجواز على حصول البعد المزبور للاطلاق والتقييد في غير محله، لعدم التكافؤ، مع أنه ينافيه صحيحا زرارة ومعمر بناء على إرادة كونه بين يدي المصلي من الاتخاذ قبلة فيه، ضرورة اقتضائه منع ذلك فيه وإن حصل البعد المزبور، ولم يقل به أحد، نعم - بناء على إرادة استقبال أي جزء منه كالكعبة من الاتخاذ كما هو الظاهر المناسب للفظ الاتخاذ الظاهر في القصد القلبي، ولظاهر كون الشرط مع تحقق موضوع البينية، لا أن المراد منه استثناء بعض الأفراد