لكن نقول: إنه إنما يتم ذلك على تقدير كون من يوثق - كالنجاشي - مثلا - يفرق بين الكبائر والصغائر.
نعم، على تقدير كون من يوثق غير معروف بين الكبائر والصغائر يبعد كمال البعد أن يكون الراوي الموثق مرتكبا لما يعلمه كبيرة، أو مصرا على ما يعلمه صغيرة، إلا أن يقال: إنه لعل الراوي أيضا لم يعلم بالفرق بين الكبائر والصغائر، لكن كان يظهر منه آثار الزهد والورع، إلا أنه كان يرتكب بعض الكبائر غير عالم بحرمته، فوثق من وثقه وهو لا يعلم بالحرمة أيضا.
إلا أن يقال: إن الراوي لو لم يعلم بحرمة ما ارتكبه وكبره، فلا بأس عليه، لكن لو كان الراوي مسامحا في أخذ المسائل، فعليه البأس.
إلا أن يقال: إن الظاهر من " ثقة " عند الإطلاق - أو ملاحظة الطريقة في مقام التوثيق من أي شخص كان - أن الراوي لا يرتكب ما يعلم بحرمته على وجه الكبر، ولا يصر على ما يعلم بحرمته على وجه الصغر، ولا يكون مسامحا في أخذ المسائل، فلو كان ارتكب كبيرة، لكان عن جهل بحرمتها مع عدم التسامح، أي الجزم بالجواز. ونظيره كثيرا ما يتفق، ولا بأس به.
لكن يمكن القدح في الجواب بناء على جواز نقض الفتوى بالفتوى، نظير أنه ربما تكون قبالة الوقف بعض أجزائها من المسائل الخلافية، فلو ثبت كون الواقف بانيا في وقفه على تقليد من كان يرى صحته، يجوز للمجتهد الحي إبطالها في غير مقام المرافعة بالنسبة إلى ما يأتي، دون ما تقدم، بناء على جواز نقض الفتوى بالفتوى في الاستمراريات، كما يجوز له الإبطال بالنسبة إلى ما يأتي في مقام المرافعة، بناء على جواز نقض الفتوى بالحكم في الاستمراريات.
إلا أن يقال: إنه يتأتى القدح لو كان النقض واجبا، وأما على تقدير الجواز فلا