هذا المدح ويجعله عدالة.
وهذا من أعظم الشواهد على أنهم أرادوا بالعدالة المعنى الأعم، فهم لاحظوا الأطراف وأخذوا بمجامع النفع.
بل نقول (1): إن ما يظهر بالتتبع أنهم لا يختلفون في أن العدالة هي الملكة التي تبعث على ملازمة التقوى، والمشهور صرحوا باعتبار المروة (2) ولم يذكره بعضهم كشيخنا المفيد (3) وجماعة أخرى، ونسبه في كنز العرفان إلى الفقهاء (4)، فظاهرهم إجماعهم على اعتباره وليس بذلك البعيد؛ لأن ما ذكره الساكتون عنه في معنى العدالة يلزمه غالبا، فلعل سكوتهم كان لذلك.
نعم، جماعة من المتأخرين صرحوا بعدم اعتباره (5).
ولا يثمر خلافهم ثمرة فيما نحن بصدده، فإن الكلام في تعديل أهل الرجال، والظاهر اعتبار المروة عندهم.
سلمنا عدم اعتباره، لكن العدالة المعتبرة في قبول الرواية هي التي توجب الثقة والاعتماد، ومن لا مروة له لا اعتماد عليه غالبا، فإن عدمها في الأغلب إما لخبل وضعف عقل أو لقلة الحياء، فإن من لا حياء له يصنع ما يشاء. وكفاك شاهدا في ذلك قول من قيل له: لم تركت حديث فلان: رأيته يركض على برذون.
وأما اختلافهم في الكاشف عن العدالة فلا يضر ذلك؛ لما مر من أن العدالة التي تعتبر هنا هي ما توجب الثقة والاعتماد، ولا يحصل ذلك من مجرد ظهور