منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٦٠٣
____________________
راجعين إلى البيان.
المقتضي وعدم المانع، ضرورة أن التنجز كما أفاده المصنف قدس سره في حاشية الرسائل وان كان متقوما بأمرين أحدهما البيان و الاخر القدرة على الامتثال، ولا دخل لكل منهما بالآخر، والعلم بالالزام بيان على التكليف مع تعدد متعلقه، إلا أن المراد به في القاعدة بقرينة حكم العقل بقبح العقوبة ليس هو العلم الكاشف عن معلومه فحسب وان لم يكن متمكنا من الموافقة والمخالفة بل المراد به هو البيان المنجز الصالح للبعث والزجر، لان المصحح للعقوبة ليس هو البيان المجرد عن صلاحية التحريك، بل ما يمكن أن يصير داعيا و محركا للمكلف، وحيث لا قدرة له هنا على الامتثال والعصيان القطعيين فلا محالة يكون موضوع قاعدة القبح محققا.
ولا يقاس عدم القدرة هنا بعدمها في باب التزاحم كإنقاذ الغريقين حتى يتوهم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان هناك، وذلك لان عدم القدرة هنا ناش عن قصور في البيان يسقطه عن صلاحية التحريك، بخلافه هناك، فان عدم القدرة فيه تكويني بعد تمامية الخطابين، فلا بد فيه من مراعاة قواعد التزاحم.
وعليه فما في المتن وحاشية بعض المدققين من التفكيك بين البيان والتمكن المقومين للتنجز وان كان متينا في نفسه، إلا أنه لا يمنع من جريان قاعدة القبح هنا، لما عرفت من أن البيان المأخوذ عدمه في القاعدة ليس إلا خصوص المنجز لا مطلق البيان. ويشهد له أن الغاية في حديث الحل عقلية بمعنى المنجز لا مطلق العلم وان لم يكن مصححا للعقوبة على المخالفة.
فما قيل أو يمكن أن يقال في الفرق بين البراءة الشرعية والعقلية: (من أن الحاكم باستحقاق الثواب والعقاب على الطاعة والعصيان لما كان هو العقل