منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٣٨
الحجة التعبدية على عدم استحبابه، إذ لا منافاة بين ما قامت الحجة غير العلمية على عدم استحبابه وبين ترتب الثواب عليه لأجل البلوغ الصادق مع الاحتمال المقوم للانقياد.
وأما بناء على دلالة أخبار (من بلغ) على حجية الخبر الضعيف في المستحبات، فان كان البلوغ جهة تقييدية، فلا تعارض بين أخبار (من بلغ) وبين مدلول الخبر الصحيح، لان مقتضى الطريقية دلالة الخبر الصحيح على عدم استحباب العمل ذاتا، وهو يجتمع مع استحبابه بعنوان بلوغ الثواب عليه المترتب على الاحتمال. وان كان البلوغ جهة تعليلية وقع التعارض بينهما، حيث إن ذات العمل مستحب بمقتضى أخبار (من بلغ) وغير مستحب بمقتضى الخبر الصحيح، لان كلا من الخبرين ينفي احتمال خلافه الموجود في الاخر فالخبر الضعيف المثبت للاستحباب ينفي احتمال خلافه، كما أن الخبر المعتبر ينفي احتمال الاستحباب.
وكذا الحال فيما إذا كان مفاد أخبار (من بلغ) استحباب العمل، فإنه يجري فيه الوجهان المبنيان على الجهة التقييدية والتعليلية.
هذا إذا لوحظت أخبار (من بلغ) مع مدلول الخبر الصحيح. وأما إذا لوحظت مع أدلة حجية الخبر الصحيح، فالظاهر عدم التعارض بينهما، إذ دليل حجية الخبر الصحيح على الطريقية ينزل المؤدى منزلة الواقع، ويلغي احتمال خلافه وهو الاستحباب، حيث إنه المحتمل المخالف لمضمونه، وأخبار (من بلغ) تثبت حجية الخبر الضعيف الذي مدلوله استحباب العمل بعنوان البلوغ، فلا منافاة بين ثبوت الاستحباب له بهذا العنوان وبين نفيه عنه بعنوانه الأولي.