منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢١٦
لا يقال: ان كان الفعل موضوعا للأثر الشرعي فلا مانع من ارتفاعه بالنسيان ونحوه، وأما تركه نسيانا مثلا فليس موضوعا للحكم حتى يرتفع بأحد تلك العناوين، فلا محيص عن اختصاص حديث الرفع بالافعال التي لها آثار شرعية إذا أتى بها نسيانا مثلا، ولا وجه لشموله للتروك، فلا يجري حديث الرفع في ترك السورة نسيانا مثلا، إذ شأنه تنزيل الموجود منزلة المعدوم يعني تنزيل الفعل المأتي به نسيانا كالتكلم في الصلاة منزلة عدمه، حيث إنه ينزل وجود التكلم كعدمه في عدم إبطاله للصلاة، فالحديث يرفع مانعيته.
فإنه يقال: انه يكفي في صحة الرفع وإضافته إلى التروك ترتب الأثر الشرعي على الافعال كما قرر في الاستصحاب من صحة جريانه بلحاظ أثر النقيض كاستصحاب عدم البلوغ، وعدم بلوغ المال حد الاستطاعة، وعدم الدين فان المترتب على هذه الاستصحاب ليس إلا عدم الحكم، وجريانها فيها انما هو لأجل أحكام وجود تلك المستصحبات، وبهذه العناية يصح رفع جزئية وشرطية ما عدا الخمسة من أجزاء الصلاة وشرائطها بحديث (لا تعاد) أيضا عند تركها نسيانا، فان ترك السورة ليس موضوعا لحكم حتى يرتفع بسبب تركها نسيانا. ودعوى تنزيل الموجود منزلة المعدوم أجنبية عن مدلول حديث الرفع كأجنبيته عن مدلول حديث (لا تعاد) فان غاية ما يدل عليه الحديثان رفع الحكم عن الشئ بسبب النسيان ونحوه سواء كان المنسي فعلا أم تركا، وليس فيهما من التنزيل عين ولا أثر. نعم لا تبعد دعوى التنزيل في مثل (لا تنقض اليقين بالشك) لاحتمال إرادة تنزيل المشكوك منزلة المتيقن أو الشك منزلة اليقين.
مضافا إلى: أن الترك بنفسه قد يكون ذا أثر شرعي كما إذا أكره على ترك