فقال: نعم (1). فترى أن الراوي يجعل تمام الموضوع لجواز الرجوع إلى يونس لأخذ معالم الدين عنه كونه ثقة، والإمام (عليه السلام) بقوله: " نعم " يقرره عليه، ويفيد أن ما بنى عليه العقلاء وارتكز طبقا له ذهن السائل ممضي عند الشارع أيضا.
ثم إن من المعلوم أن أخذ معالم الدين كما يصدق بالرجوع إليه وأخذ فتاواه كذلك يصدق بالرجوع إليه وأخذ الروايات المتضمنة لبيان معارف الدين وأحكامه، فلا وجه لتوهم اختصاص الصحيحة بخصوص الأول، كما هو واضح لا يخفى.
وفي صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري: أن أحمد بن إسحاق العدل الثقة قال:
سألت أبا الحسن (عليه السلام) وقلت: من أعامل؟ وعمن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال:
" العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون ". وقال أيضا: إنه سأل أبا محمد (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال (عليه السلام) له: " العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان... الحديث " (2).
فقد دلت الصحيحة دلالة واضحة على أن كون العمري وابنه ثقة هو الموجب لطريقية قولهما وحجيته، وتفريع وجوب إطاعتهما على ذلك لو سلم دلالته على وجوب اتباع أقوالهما في غير ما يؤدى عن الإمام (عليه السلام) أيضا - مع أنه مشكل - فهو لا ينافي دلالتها على حجية قول الثقة وروايته، إذ تفرع وجوب الطاعة على وكالته ونيابته عن المعصوم (عليه السلام) معلوم من الخارج، فلا ينافي أن لا يكون الأمر في اعتبار روايته وطريقية قوله كذلك، فإن المعلوم فيه أن تمام الملاك في الحجية هو مجرد كون الراوي صادقا مأمونا ثقة، كما يدل عليه الصحيحة أيضا.
وفي صحيحة علي بن المسيب الهمداني: " قلت للرضا (عليه السلام): شقتي بعيدة