وثانيا: أنه لو تعلق الأمر بالأكثر لكان مشكوك الجزئية في عرض سائر الأجزاء من مقومات المركب، ويتعلق الأمر بمجموع الأجزاء الذي هو عبارة أخرى عن المركب، لا أن الأمر يتعلق بالأقل ويكون المشكوك الجزئية قيدا له حتى يكون من باب المطلق والمقيد.
وثالثا: أن الإطلاق لما كان وصفا للطبيعة قبال تقيدها بالجزء المشكوك فلو جرى الأصل في تقيدها به لكان لما أفاد وجه، لكنه - كما عرفت - يجري في جزئية الجزء أو وجوبه، وحينئذ فإثبات عدم تقيد الطبيعة المركبة به من باب الأصل المثبت، كما لا يخفى.
وأورد بعض أهل التحقيق على تقريب البراءة الشرعية: بأن مفاد أدلة البراءة لما كان هو الرفع الظاهري الثابت في المرتبة المتأخرة عن الشك في الواقع فمثله لا يصلح لتحديد الأمر الواقعي بالأقل بأنه متعلق بخصوص الفاقد، لاختلاف رتبتهما، والمفروض أن ما هو معلوم تعلقه بالأقل ليس إلا الأمر الواقعي، وحيث إن حديث الرفع ناظر إلى مرتبة متأخرة عن الواقع - أعني مرتبة الشك فيه - فلا محالة لا يصلح الحديث لتحديد ذاك الأمر الواقعي بنحو يكون لا بشرط من حيث الانضمام بالجزء المشكوك. انتهى بتلخيص وتوضيح، فراجع تعليقته على الفوائد (1).
وفيه: أن الوجوب الواقعي المتعلق بالأقل قطعا ثابت في جميع المراحل المتصورة للجزء المشكوك، فهو متعلق بالأقل حتى بالنسبة لمن يشك في جزئية السورة، فإذا جرت رواية رفع ما لا يعلمون في وجوب السورة أو جزئيتها كان مقتضاها انتفاء وجوبها عن المكلف في مرتبة شكه فيه، وكان لازم انضمامها إلى أدلة الأجزاء أن يجمع عرفا بينها بأن جزئية السورة ووجوبها منتفية عن الجاهل، وأن الأمر والوجوب متعلق بما عداها بالنسبة إليه، غاية الأمر أن يكون هذا التقييد