توضيحه: أن المفروض أن المولى قد بين جميع أجزاء المركب حتى الجزء المشكوك أيضا لو كان جزءا، وحينئذ فإن كان في نفس الأمر لا جزئية للمشكوك لما كان شك في أن الأقل هو المأمور به، وإن كان قد بين جزئيته في دليل لم نقف عليه بعد الفحص اللازم، فحيث إن هذا الدليل بإطلاقه شامل للعالم والجاهل، فحديث الرفع يحكم بنفي وجوبه أو جزئيته بالنسبة إلى الجاهل، ويكون هذا الحديث مقدما على ذلك الدليل الواقعي، موجبا لاختصاص مفاده بخصوص العالم به، ولا محالة يكون الحديث بمنزلة استثناء وتقييد بالنسبة إلى دليل الجزئية، ويكون مقتضى الجمع بين أدلة سائر الأجزاء أن الصلاة - مثلا - للجاهل بجزئية السورة هي خصوص الفاقد، أعني اللابشرط عن السورة، غاية الأمر أن هذا الرفع والنفي تنزيلي ادعائي ظاهري، تحفظا على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل، وهو لا يضر بما نحن بصدده، إذ مآله أنه يعامل المكلف معاملة من تعلق وظيفته وأمره واقعا باللابشرط عن المشكوك، وهو كاف لما نحن بصدده.
فالحاصل: أنا نعلم تفصيلا بتعلق الأمر بالأقل، إلا أن هذا العلم التفصيلي نتيجة علم إجمالي فإنا نعلم أنه لو لم يكن المشكوك جزءا في نفس الأمر فالأمر الواقعي تعلق بالأقل، وإن كان جزءا بحسب الواقع فبعد تقييد إطلاق دليل جزئيته فلا محالة كأنه ليس جزءا للجاهل، ويتعلق الأمر بما عداه.
وأما ما أجاب به بعض الأعاظم (قدس سرهم) على ما في تقرير بحثه الفوائد، مما حاصله: أنه لو تعلق الأمر بالأقل لكان متعلقه الطبيعة المطلقة الغير المقيدة بالزائد، ولو تعلق بالأكثر لكان متعلق الأمر الطبيعة المقيدة بالزائد وحيث إن التقابل بين المطلق والمقيد تقابل العدم والملكة فحديث الرفع بمدلوله المطابقي يدل على عدم قيدية الزائد الذي هو عبارة أخرى عن إطلاق متعلق الأمر (1).
ففيه أولا: أنه مبني على إجراء الحديث في مثل الجزئية الذي قد عرفت انهدام بنيانه.