عالما، ثم قال منفصلا عنه: " أكرم عالما هاشميا "، فحيث إن موضوعيهما عنوانان، كان الظاهر من البعثين أنهما بعثان وتكليفان، وإن اجتمع العنوانان في العالم الهاشمي، وحينئذ، فان أكرم عالما غير هاشمي، فقد امتثل أمر المطلق، ويبقى عليه امتثال أمر المقيد، وإن أكرم من أول الأمر عالما هاشميا، فلا يبعد الإكتفاء به في امتثال الأمرين، عملا باطلاق المادة في كل من الأمرين. هذا.
وقد يقال: باستكشاف الوحدة في ما إذا تعلق الأمران في المطلق والمقيد بصرف الوجود، كمثال: أكرم عالما وأكرم عالما هاشميا، إما لأن الجمع بين ظهور الأمرين في الاستقلال وظهور المتعلق في صرف الوجود يوجب تعلق حكمين متماثلين على موضوع واحد " في العالم الهاشمي " وهو في الامتناع كاجتماع الضدين من الأحكام، فيمكن أن يكشف به وحدة الحكم المذكور في المطلق والمقيد. وإما لأن المقيد لظهوره في إيجاب القيد يقتضي وجوب ايجاد صرف وجود المقيد، وعدم الرضا بإيجاد هذا الصرف في غير المقيد، والمفروض أن المطلوب في المطلق أيضا صرف الوجود، فبقرينة عدم الرضا المذكور المستفاد من المقيد يستفاد وحدة التكليف، وأن المطلوب هو المقيد ليس إلا.
وفي الوجهين مالا يخفى:
أما الأول: فلأن الأحكام التكليفية ليست من قبيل الأعراض الخارجية حتى يترتب عليها حكم التضاد والتماثل، والقول: بامتناع اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي وجهين لو سلمناه، فإنما هو لمكان منافاة مقتضاهما فيه، حيث إن النهي يزجر المكلف ويمنعه عن القرب منه، والأمر يحركه إلى إتيانه، وهما متنافيان، وهذا الوجه غير جار هاهنا، فان الأمر في المطلق والمقيد كل منهما يبعث ويحرك نحو متعلقة، وهما متوافقان، فلا بأس بالجمع بين ظهور الأمرين في الاستقلال، وظهور متعلقهما في صرف الوجود.
ومما ينبغي التنبه له أن البعث إلى كل شئ إنما يكون ظاهرا في مجرد تعلق بعث به، وتعدد الأمر تابع لتعدد المتعلق، وإلا فلا نعقل ولا نسلم ظهورا مستقلا