العرفي. هذا.
وأما إذا أريد مثله كما مثلنا بما إذا تكلم مخاطبك بجملة " جاء زيد " - مثلا - فقمت مقام تعريب كلامه هذا وقلت: زيد في كلامك فاعل، فإنه لا ريب في أنه أريد من لفظة " زيد " في كلامك الحكاية عما تكلم به مخاطبك، وحيث إنه مثل لما تكلمت به فقد أريد منه مثله، وليس يمكن أن يكون هنا من باب إراءة نفس الموضوع، وذلك أن لفظة " زيد " الذي تكلمت أنت به مبتدأ لا فاعل، والفاعل هو خصوص اللفظة الواقعة في كلام مخاطبك، فلا إشكال في أنه من باب الحكاية.
لكن الظاهر أن حكايته عن مثله ليست دلالة وضعية، بل إنما هي دلالة ناشئة عن التشابه التكويني بينهما، كما في حكاية التصاوير عن ذيها، وصور الأفلام عن ذيها، والصورة المنتقشة في الماء عن ذيها، ولذلك فعدها استعمالا - إن أريد به الاستعمالات المتفرعة عن الوضع - ليس يصح، بل هو من قبيل الحكاية المتفرعة على التشابه المذكور. نعم، إذا عمم في المراد بالاستعمال لما كان به بأس.
وأما إذا أريد صنفه كما إذا قيل: " مهما قيل جاء زيد فزيد فاعل "، فإن المراد به كلي هذه اللفظة الواقعة بعد الفعل المذكور من أي متكلم، وفي أي زمان كان، فقد قيدت بالوقوع بعده فأريد منها صنف خاص متصف بوصف الوقوع بعده، ففي مثل المثال الذي لا يمكن أن يراد من الكلي المذكور نفس لفظة " زيد " الثانية فإنها مبتدأ لا فاعل، فلا محالة يكون من قبيل الحكاية التي شرحناها في قسم إرادة مثله، ولو كان مثال يعم كلي الصنف للفظة المذكورة في القضية أيضا جرى فيها ما نذكر في القسم الرابع.
والقسم الرابع ما إذا أريد منه نوعه الشامل لجميع موارد ذكره، كما إذا قيل:
" زيد اسم " فإنه يعم اللفظة في جميع موارد التلفظ بها حتى نفس شخص اللفظة المذكورة في القضية، كما لا يخفى، وحينئذ فيمكن أن يكون من باب إراءة نفس الكلي ولو بإراءة فرده، بأن يغمض النظر عن جميع خصوصياته، وتتوجه العناية إلى مجرد أنه لفظة " زيد "، فإن الفرد عين حقيقة الكلي، والكلي الطبيعي متعدد