بل الوجه في عدم الفرق من هذه الجهة أيضا هو ما ذكرنا من حكم أهل العرف بذلك في محاوراتهم بلا شبهة ولا إشكال.
وهذا الذي ذكرنا لا يختص بالإطلاق المقامي، بل يجرونه في الأخذ بالإطلاق اللفظي أيضا، كما هو ظاهر للمتأمل وحينئذ فلا وجه لما عن بعض المحققين - في مقالاته وتقريراته - من اشتراط كليهما بعدم حكم العقل بالاشتغال، واشتراط المقامي بكون القيد مما يغفل عنه تارة، واشتراط كليهما بأحد الأمرين ثانية، والتفصيل بينهما ثالثة، فراجع (1).
ثم إن هذا الإطلاق المقامي لو أحرز من المولى فلا ريب في صحة الاعتماد إليه، والكشف عن عدم اعتبار قصد القربة في محصل غرضه، من غير فرق بين المباني أصلا، كما لا يخفى على من تدبر.
كما أن المراد بالإطلاق اللفظي: أن يكون المولى في مقام بيان تمام الموضوع لحكمه، إلا أن العقلاء يوجبون على المتكلم أن يجعل محصل غرضه بجميع قيوده وخصوصياته موضوعا لحكمه إذا أمكن، فإذا كان المولى في هذا المقام ولم يأخذ شيئا في موضوعه حكم بأن تمام الموضوع لحكمه خصوص ما ذكره، وبأن تمام المحصل لغرضه أيضا ذلك إذا أمكن أخذ المشكوك أيضا في موضوع حكمه، وأما إذا لم يمكن فالموضوع لحكمه وإن كان خصوص المذكور إلا أنه لمكان امتناع أخذ هذا المشكوك فيه لا يحكم بعدم دخالته في الفرض، ولا يستكشف منه قيام غرضه أيضا بموضوع حكمه. وسيأتي - إن شاء الله - لهذا توضيح عن قريب.
وهل يصح نفي اعتبار قصد القربة بإطلاق المادة المأمور بها؟ التحقيق: أنه إن جوزنا أخذه في متعلق الأمر الأول فحكمه حكم سائر القيود كما لا يخفى، وإن أحلناه وجوزنا الأمر به بأمر ثان فإطلاق الأمر المتعلق بأصل المأمور به لا يمكن الأخذ به، إذ المفروض أن القربة المأمور بها ليست ولا يمكن أن تؤخذ في متعلق الأمر المتعلق بأصل الطبيعة، فحكم هذا الأمر حكم أمر المولى بالطبيعة مع امتناع