وأيضا: يرد إشكال آخر على ذيل الرواية، وهو عدم فرق واضح بين وقوع بعض الصلاة في النجاسة مع الجهل بها، وبين احتمال حدوث النجاسة في الأثناء، حيث تمسك الإمام عليه السلام في الثاني بالاستصحاب دون الأول.
توضيحه: أن للمصلي العالم بالنجاسة في الأثناء - سواء احتمل طروها في الحال، أو علم الآن بوجودها من الأول - ثلاث حالات: حالة الجهل بالنجاسة، وحالة العلم بها والاشتغال بتطهيرها، وحالة الصلاة مع الطهارة الواقعية، وهي بعد تطهيرها وإتمام الصلاة، والاستصحاب إنما ينفع بالنسبة إلى حال الجهل، لا حال العلم بالنجاسة والطهارة.
فبناء على حمل الفقرة المتقدمة من الرواية على الاحتمال الأول - أي حصول العلم بعد الصلاة بوجود النجاسة من أولها، وإجراء الاستصحاب لتصحيح الصلاة بالبيان المتقدم - لا يبقى فرق بين الفقرتين الأخيرتين، لجريان الاستصحاب فيهما، فكما يجري مع احتمال حدوث النجاسة في الأثناء لتصحيح الأجزاء السابقة على العلم بها، كذلك يجري مع العلم في الأثناء بوجودها من أول الأمر، فإن ظرف الجهل بالنجاسة مع الشك في حدوثها في موضع من ثوبه ظرف جريان الاستصحاب، والعلم اللاحق لا يضره، كما لم يكن مضرا في الفقرة الأولى، أي الاستصحاب بعد تمام الصلاة.
وأما حالة العلم بالنجاسة فلا يفيدها الاستصحاب، بل لا بد من دليل آخر في تصحيحها، وهو الأدلة الدالة على أنه إذا رعف في الأثناء غسل أنفه ويبني على صلاته (1)، حيث يستفاد منها أن التلبس بالنجاسة في الزمان الذي يشتغل فيه بتطهير النجاسة لا يضر بالصلاة.
ومن هنا قد يرجح الاحتمال الثاني في الفقرة الأولى فيقال: إن تطبيق الاستصحاب