مضافا إلى أن الأعيان الخارجية على قسمين:
الأول: ما يستقذره العرف.
والثاني: ما لا يستقذره، وإنما يستقذر الثاني بملاقاته للأول وتلوثه به، والتطهير عرفا عبارة عن إزالة التلوث بالغسل، وإرجاع الشئ إلى حالته الأصلية غير المستقذرة، لا إيجاد شئ زائد على ذاته، به يكون طاهرا، والظاهر أن نظر الشرع كالعرف في ذلك، إلا في إلحاق بعض الأمور غير المستقذرة عرفا بالنجاسات، وإخراج بعض المستقذرات عنها.
وكذا الحلية لم تكن مجعولة، فإن الشئ إذا لم يشتمل على المفسدة الأكيدة يكون حلالا وإن لم يشتمل على مصلحة، فلا تكون الطهارة والحلية من المجعولات الواقعية. نعم، الطهارة والحلية الظاهريتان مجعولتان.
فحينئذ نقول: إن قوله (كل شئ حلال) أو (طاهر) لو حمل على الواقعيتين منهما يكون إخبارا عن ذات الأشياء، لا إنشاء الطهارة والحلية، فالجمع بين القاعدة والحكم الواقعي يلزم منه الجمع بين الإخبار والإنشاء في جملة واحدة، وهو غير ممكن، هذا أولا.
وأما ثانيا: فلأن معنى جعل الطهارة والحلية الظاهريتين هو الحكم بالبناء العملي عليهما حتى يعلم خلافهما، ومعنى جعل الواقعيتين منهما هو إنشاء ذاتهما، لا البناء عليهما، والجمع بين هذين الجعلين مما لا يمكن.
وأما ثالثا: فلأن الحكم الظاهري مجعول للمشكوك بما أنه مشكوك، والحكم الواقعي مجعول للذات مع قطع النظر عن الحكم الواقعي، ولا يمكن الجمع بين هذين اللحاظين المتنافيين.
وأما رابعا: فلأن الحكم في قاعدة الطهارة والحلية يكون للمشكوك فيه، فلا محالة تكون غايتهما العلم بالقذارة والحرمة، فجعل الغاية للحكم المغيى بالغاية ذاتا مما