مشروطة بشئ بجعل مستقل، أو يجعل شيئا مانعا لها بنحو الاستقلال لاقتضاء حادث، كما غير الله قبلة المسلمين إلى المسجد الحرام؟! فهل كان قوله: * (قد نرى تقلب وجهك في السماء) * إلى قوله: * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * (1) من قبيل نسخ حكم الصلاة رأسا وإبداء حكم آخر، أو كان الجعل متعلقا بالقبلة فقط؟! ومجرد كون المنتزعات التكوينية تابعة لمناشئ انتزاعها لا يوجب أن تكون الشرائط والموانع التشريعية كذلك، وكذا الكلام في اسقاط شرط أو مانع.
وبالجملة: تلك الأمور الاعتبارية والجعلية كما يمكن جعلها بتبع منشأ انتزاعها، يمكن جعلها مستقلا بلا إشكال وريب، كما يمكن اسقاطها كذلك.
نعم: إن الإرادة الواقعية إذا تعلقت بطبيعة لا يمكن أن تنقلب عما هي عليه من زيادة جزء أو شرط أو مانع، أو اسقاطها مع بقائها على ما هي عليه، لأن تشخصها بتشخص المراد، فلا يمكن بقاء الإرادة مع تغير المراد، بخلاف الأمور القانونية فإنها تابعة لكيفية تعلق الجعل بها هذا حال الشروط والموانع.
وكذا حال اسقاط الجزئية، فلو قال المولى: " أسقطت جزئية الحمد للصلاة " تصير ساقطة مع بقاء الأمر القانوني.
وأما حال جعل الجزئية فتوضيحه: أن الأوامر المتعلقة بالطبائع المركبة إنما تتعلق بها في حال لحاظ الوحدة، ولا يكون الأمر بها متعلقا بالأجزاء، بحيث ينحل الأمر إلى الأوامر، ولا الأمر الذي هو بسيط مبسوطا على الأجزاء، بل لا يكون في البين إلا أمر واحد متعلق بنفس الطبيعة في حال الوحدة، وهذا لا ينافي كون الطبيعة هي نفس الأجزاء في لحاظ التفصيل، فإذا أمر المولى بالصلاة لا يلاحظ إلا نفس طبيعتها، وتكون الأجزاء مغفولا عنها.