فكتب: (اليقين لا يدخله الشك، صم للرؤية وأفطر للرؤية) (1).
قال الشيخ قدس سره: والإنصاف أن هذه الرواية أظهر ما في هذا الباب من أخبار الاستصحاب (2) وأنكر بعضهم دلالتها عليه، فضلا عن أظهريتها (3).
والحق: أن دعوى الأظهرية كدعوى عدم الدلالة ممنوعة، بل هي ظاهرة في الاستصحاب، لكن بعض الروايات المتقدمة مثل صحيحة زرارة الأولى أظهر منها.
أما أصل دلالتها عليه، فلأن الظاهر من قوله: (صم للرؤية وأفطر للرؤية) أنهما تفريعان لقوله: (اليقين لا يدخله الشك) فحينئذ يحتمل أن يكون مقصود السائل من يوم الشك مطلق يوم الشك، سواء كان من آخر شعبان، أو آخر رمضان، ويحتمل أن يكون المراد يوم الشك بين شعبان ورمضان، أو بين رمضان وشوال، والظاهر بعد الاحتمال الثالث، فبقي الاحتمالان، وعلى أيهما، يكون الجواب بملاحظة التفريعين المذكورين عن مطلق يوم الشك في أول رمضان كان، أو في آخره، فحينئذ لا ينطبق قوله: (اليقين لا يدخله الشك) إلا على الاستصحاب، فيتفرع عليه استصحاب عدم دخول رمضان، وعدم دخول شوال إلى زمان الرؤية.
واحتمال كون المراد من اليقين هو اليقين بدخول رمضان - بمعنى أن اليقين بدخوله الذي يعتبر في صحة الصوم لا يدخله الشك في دخوله، أي لا يجوز صوم يوم الشك من رمضان الذي تواترت الأخبار على اعتبار اليقين بدخوله في صحة الصوم (4) - مع كمال بعده، لا يناسب تفريع كل من الصوم والإفطار للرؤية عليه.