والفساد بعد إحراز نفس العمل بعنوانه في فعل الوكيل والولي، لأنه فعلهما، ونفوذه في الموكل باعتبار إذنه وإيكال الأمر إليه، وفي المولى عليه باعتبار نحو سلطنة عليه، وكذا الحال في النائب، لأن النيابة وإن كان اعتبارها غيرهما، لكن لا إشكال في أن الفعل صادر من النائب حقيقة، وباعتبار صدوره منه وقيامه مقام المنوب عنه يسقط عنه.
فما ادعاه الشيخ: من أن فعله لما كان فعلا له يسقط عنه (1)، فكأنه قال: لا تجري أصالة الصحة إلا في فعل الغير، وفعل النائب ليس كذلك.
ففيه: أن كون الفعل فعل الغير واضح، ومجرد أنه يعد مرتبة من فعل المنوب عنه بالتوسع لا يوجب عدم جريان الأصل فيه.
مع أن التفكيك بين الحيثيتين كما أفاده رحمه الله كما ترى، فإن النيابة إن اقتضت أن يكون الفعل الصادر من النائب فعل المنوب عنه، ويكون النائب بما أنه نائب غير مستقل في الفاعلية، فلا تكون له جهة فاعلية، ولا لفعله جهة صدور منه.
وإن اقتضت أن يكون الفعل الصادر من النائب موجبا لسقوطه منه، لكونه وجودا تنزيليا له توسعا، ويكون فعله بوجه من التوسع فعله، فلا وجه لعدم جريان الأصل في فعله.
وبالجملة: لا يمكن أن يقال: إن الواقف بعرفات والمشعر، والمطوف بالبيت العتيق والمصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام ليس النائب، بل هذه الأفعال أفعال المريض المزمن في بلده، فلا تجري فيها أصالة الصحة باعتبار أنها فعله لا فعل الغير.
فتفكيك الجهتين مما لا يساعد عليه الاعتبار، بل يكون اعتبار النيابة بما ذكره من صيرورة الفعل بعد قصد النيابة والبدلية قائما بالمنوب عنه، لكون الفاعل آلة له، مع كونه فعلا من أفعال النائب نفسه، لا المنوب عنه متنافيين، كما لا يخفى.