أو تخصيص أو غيرهما، بل تكون أدلة الاستصحاب غير صالحة للردع عن بناء العقلاء فيما تحقق بناؤهم، لأنهم في العمل على أصالة الصحة، وترتيب آثار الصحة على المعاملات والعبادات ارتكازا لا يرون أنفسهم شاكين.
لا أقول: إنهم قاطعون، فإنه خلاف الضرورة، بل أقول: إنهم يكونون غافلي الذهن عن أن ترتيب آثار الصحة عمل بالشك، فلا بد في صرفهم عن بنائهم من دليل صريح يردعهم عنه، ولا يصلح مجرد إطلاق قوله: (لا ينقض اليقين بالشك) للردع عن طريقتهم المألوفة.
ولهذا لم تكن هذه الكبريات الملقاة من الأئمة إلى أصحابهم موجبة لانقداح مثل ذلك في أذهانهم، وإلا كانوا يسألون عنه، مع أنهم كانوا يعملون على أصالة الصحة ليلا ونهارا، مع ورود مثل هذه الكبريات، وهذا واضح جدا لدى التأمل.
فإذا تكون أصالة الصحة خارجة عن نقض اليقين بالشك موضوعا لدى العقلاء، فما أفادوه في المقام من حكومتها على الاستصحاب، أو تخصيص دليل الأصل بها (1) لعله في غير محله، والحمد لله أولا وآخرا.