إلا لحفظه، لا لإبطاله، فمع عروض المسوغ لا يجوز لهما البيع، لصيرورتهما أجنبيين وهو كما ترى.
ولو كان المراد من كون اليد يد الوقف أنها يد على المال الموقوف، فهو من قبيل المصادرة، ومن ذلك يعلم أن تنظير يدهما بيد الودعي في غير محله.
لا يقال: إن الشك في الصحة والفساد في بيع الوقف مسبب عن الشك في عروض المسوغ، فأصالة عدمه حاكمة على أصالة الصحة.
فإنه يقال: قد عرفت (1) أن مبنى أصالة الصحة هو بناء العقلاء فحينئذ لو قلنا بأنها أمارة عقلائية مبناها ترجيح الغلبة، وإلقاء احتمال الخلاف، فالأمارة القائمة على المسبب تكون رافعة لموضوع الأصل السببي، لأن الأمارة على اللازم أمارة على الملزوم، وهل يكون تقدمها عليه على نحو الحكومة، أو الورود، أو الخروج موضوعا؟ قد سبق الكلام في أمثاله في بابه (2).
ولو قلنا بأنها أصل عقلائي مبناها تقنين أرباب النفوذ في أوائل تمدن البشر لرغد العيش، ثم صارت ارتكازية، فلازم ذلك أن يكون الاستصحاب رادعا لأصالة الصحة الجارية في المسبب، فلو كان رادعا في مورد يكون رادعا مطلقا، وهو كما ترى.
وقد عرفت في بعض المباحث السالفة (3) أن الأدلة العامة غير صالحة لردع العقلاء عن ارتكازاتهم، خصوصا في مثل هذا الأمر الذي يكون قطب رحى التمدن، ولولاه لم يقم للمسلمين سوق (4)، وستأتي (5) تتمة لذلك عند تعرض الشيخ له إن شاء الله.