والتحقيق: أنه ليست أصالة الصحة أصلا مستقلا عقلائيا أو شرعيا، وظهور حال المسلم أو الفاعل أمرا مستقلا (1) يدل على اعتباره دليل عقلائي أو شرعي، بل الذي يكون مورد بناء العقلاء هو المعاملة بالصحة مع الفعل المشكوك فيه، وأما ظهور حال الفاعل فيحتمل أن يكون مبنى هذا العمل، كما أنه يمكن أن يكون مبناه ما أشرنا إليه في الأمر المتقدم، فكونهما أمرين مستقلين مما لا وجه له، ولا دليل عليه.
هذا كله حال ما عدا الصورة الأخيرة المتقدمة، وأما هي، أي ما يكون الشك من ناحية جعل الشرط المفسد فيها أنه قد يكون الاختلاف بين المتعاملين في جعل الشرط المفسد وعدمه، فيدعي أحدهما اشتراط أمر مجهول، وينكر الآخر أصل الاشتراط، وقد يكون في جعله وجعل غيره، بعد اتفاقهما على أصل الإشتراط، فيدعي أحدهما اشتراط خياطة ثوب، والآخر اشتراط خياطة ثوب معلوم.
ثم إنه قد يرجع اختلافهما إلى الأقل والأكثر، وقد يرجع إلى المتباينين:
فعلى الأول قد يقال: إنه يكون القول قول منكر أصل الاشتراط، لأصالة عدم الإشتراط (2)، والشك في صحة العقد وفساده مسبب عن الشك في جعل الشرط المفسد، لكن ذلك لو لم نقل بأن أصالة الصحة أمارة عقلائية، وإلا فلو جرت في المسبب ترفع موضوع السبب.
ومنه يظهر الحال في الاشتراط الراجع إلى الأقل والأكثر.
وأما مع التباين: كما إذا ادعى أحدهما اشتراط خياطة الثوب المعلوم، والآخر اشتراط شرب الخمر، وقلنا بمفسدية الشرط الفاسد مطلقا (3) فالمرجع - بعد تساقط