مجال لذلك الأصل، ودعوى ارتكازية هذا الأصل كما ترى.
فمن ذلك تصير دعوى كون مبنى أصالة الصحة هو الغلبة المتقدمة مشكلة، لأن ما كانت دعوى الغلبة فيه صحيحة هو غلبة إتيان الفاعل العمل على طبق اعتقاده، لا على طبق الواقع ولو لم يكن موافقا لاعتقاده (1).
فمن ذلك لا يبعد أن يقال: إن مبنى أصالة الصحة ليس الغلبة، بل هو الأمر الثاني.
اللهم إلا أن يدعى أن الاعتقادات والآراء الاجتهادية وإن كانت مختلفة، لكن الغالب في مقام العمل مراعاة الاحتياط، وتطبيق العمل على الواقع، فجريان أصالة الصحة من هذا الباب.
ولا يخلو هو أيضا من إشكال، كما أن كون مبنى أصالة الصحة هو الأمر الثاني أيضا في غاية الإشكال.
والذي يسهل الخطب أن بناء العقلاء على جريان أصالة الصحة، والحمل على الصحة الواقعية معلوم في موردين:
أحدهما: فيما إذا علم مطابقة رأي العامل للحامل.
وثانيهما: فيما إذا جهل حال العامل.
وغالب الموارد يكون من هذا القبيل، وغيره نادر.
وفيما إذا علم مخالفتهما: فقد يكون التخالف بينهما بالتباين، كما لو اعتقد أحدهما وجوب القصر في أربعة فراسخ وإن لم يرجع ليومه، والآخر وجوب الإتمام، ففي هذه الصورة لا تجري أصالة الصحة، لأن جريانها مساوق لحمل فعله على السهو والغفلة، وهو مخالف للأصل.