الشكوك الحاصلة في العمل.
لا ينبغي الإشكال في عدم جريان الأصل في الصورة الأولى، لأن الشك يرجع إلى تحقق العقد، وفي مثله لا تجري أصالة الصحة.
وإن شئت قلت: إن أصالة الصحة لا تجري عند العقلاء إلا بعد إحراز عنوان العمل، ومع الشك فيه لا مجرى لها.
وبعبارة أخرى: الصحة واللا صحة في الرتبة المتأخرة عن وجود العمل، ومع الشك في تحققه لا معنى لإجراء أصالة الصحة، سواء كانت الصحة بمعنى التمامية، أو معنى انتزاعيا.
وأما الصور الاخر ما عدا الصورة الأخيرة التي يأتي الكلام فيها فالظاهر جريانها فيها، من غير فرق بين الشك في قابلية العوضين للنقل والانتقال شرعا، أو قابلية المتعاملين لإجراء العمل كذلك، أو غيرهما، لاستقرار بناء العقلاء على ذلك.
بل لا معنى لاستقرار طريقة العقلاء بما أنهم عقلاء على موضوع مع القيود الشرعية، وقد عرفت (1) أن أصالة الصحة من الأصول العقلائية السابقة على شريعة الاسلام، فجريانها فيها مما لا مانع منها.
وأما ما ادعاه بعض أعاظم العصر رحمه الله - بعد دعواه إجماعا بنحو الكبرى الكلية على أصالة الصحة في مطلق العمل، وإجماعا آخر على خصوص العقود - أنه لا دليل على أصالة الصحة في العقود سوى الاجماع، وليس لمعقده إطلاق يعم جميع الصور، والقدر المتقين منه ما إذا كان الشك في تأثير العقد للنقل والانتقال، بعد الفراغ عن سلطنة العاقد لإيجاد المعاملة من حيث نفسه، ومن حيث المال المعقود عليه.
وبعبارة أوضح: أهلية العاقد لإيجاد المعاملة وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال