بالشك في الجزء أو الشرط بعد الفراغ من العمل فيقال: الفرق بين قاعدة الفراغ والتجاوز أن مفاد قاعدة التجاوز عدم الاعتناء بالشك في الجزء أو الشرط بعد التجاوز عن محله، ومفاد قاعدة الفراغ عدم الاعتناء بالشك فيهما بعد الفراغ من العمل.
فلا يرد عليه الإشكالان المتقدمان (1) من عدم إمكان تطرق الجعل وحكومة قاعدة التجاوز على الفراغ، لكن مع عموم قاعدة التجاوز لجميع الأبواب، وكونها أعم مطلقا بالنسبة إلى قاعدة الفراغ يكون جعل الثانية لغوا لما عرفت (2).
ثم لو قلنا: بأن قاعدة التجاوز مخصوصة بباب الصلاة يقع الكلام في أن المجعول قاعدتان:
الأولى: قاعدة الفراغ بالمعنى المتقدم آنفا، وهي سيالة في جميع أبواب الفقه.
والثانية: قاعدة التجاوز، وهي مخصوصة بباب الصلاة.
أو أن المجعول قاعدة واحدة هي قاعدة التجاوز، لكن قام الدليل اللفظي في باب الوضوء، وغير اللفظي في سائر الأبواب - غير باب الصلاة - على تقييد التجاوز بكونه عن تمام العمل المركب، بدعوى أن هذا التقييد ليس مستهجنا كالتخصيص الأكثري، والبحث عن ذلك بعد بطلان أصل المبنى، ومع فرض عدم بطلانه وعدم ترتب ثمرة مهمة عليه مما لا جدوى له.
فتحصل مما ذكرنا: أن التحقيق هو استفادة قاعدة واحدة هي قاعدة التجاوز بعد المحل، وهي سيالة في جميع الأبواب، ولا وجه لتخصيصها بباب الصلاة، بعد عموم الأدلة، وعدم المقيد والمخصص.
وبما ذكرناه وفصلناه: علم أن مثل قوله في موثقة ابن مسلم: (كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو) ليس معناه كل ما شككت في صحته بعد الفراغ منه،