مركب شك في وجود بعض أجزائه، مما تجاوز محله، كما عدا الجزء الأخير، وتفترق قاعدة التجاوز عن الفراغ فيما إذا شك في وجود جزء بعد تجاوز محله قبل الفراغ من العمل، وتفترق هي عنها فيما لو شك بعد الفراغ عن العمل في كون المأتي به واجدا للوصف المعتبر في صحته، أو شك في الجزء الأخير الغير المقوم للصدق العرفي، حتى يكون منافيا لتحقق الفراغ من العمل، فإنه ربما تجري بالنسبة إليه أصالة الصحة دون الشك بعد تجاوز المحل (1).
فإنه يقال: بل قاعدة التجاوز أعم مطلقا، وما ذكر من موردي الافتراق ممنوع:
أما الشك في كون المأتي به واجدا للوصف أو الشرط، فلا وجه لإخراجه عن قاعدة التجاوز، لأن الوصف أو الشرط شئ شك في وجوده بعد تجاوز محله، فيشمله قوله: (كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه) (2) فإذا شك في تحقق الجهر بعد الدخول في الركوع يكون منطبقا للقاعدة المجعولة، فلا وجه لقصرها على الشك في الأجزاء.
وأما الشك في الجزء الأخير الغير المقوم للصدق العرفي:
فإن كان المراد منه صدق الفراغ عرفا فممنوع، لأن السلام مثلا إذا جعل آخر الصلاة فلا يحكم العرف بأن المصلي فارغ عن الصلاة قبل السلام، ومع الشك فيه يكون الفراغ مشكوكا فيه، فلا تنطبق عليه قاعدة الفراغ.
وإن كان المراد منه صدق الصلاة على الناقص بجزء - كما لو نسي السلام ودخل في حائل - فهو مسلم، لكن لا يلزم منه صدق الفراغ من صلاته قبل السلام، فإن المصلي قبل السلام داخل فيها غير خارج عنها، لكن لو تركها وذهب في شغله يصدق على ما فعل أنه صلاة ناقصة بجزء.