وبالجملة: لو شك في الجزء الأخير من المركب مع بقاء محله لا يكون موردا لقاعدة الفراغ، للشك في حصول الفراغ، ولا لقاعدة التجاوز، لبقاء محله، ومع مضي محله يكون موردا لقاعدة التجاوز، كما يكون موردا لقاعدة الفراغ.
ولو قيل: إن الدخول في الغير معتبر في قاعدة التجاوز لا الفراغ، فتفترق قاعدة التجاوز عن الفراغ فيما إذا فرغ من العمل، وشك في وصف جزئه الأخير أو شرطه، أو شك في شرط المركب قبل الدخول في غيره، فتشمله قاعدة الفراغ لا التجاوز (1).
يقال له: إن اعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز دون الفراغ مما لا وجه له، فإن وجه اعتباره في قاعدة التجاوز إنما هو ظهور قوله في مثل صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر: (ودخلت في غيره) في ذلك، وهذا التعبير بعينه، بل أصرح وآكد منه موجود في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام التي تكون مستند قاعدة الفراغ، وكذا في موثقة ابن أبي يعفور المنقولتين في أبواب الوضوء.
ففي أولاهما: (فإذا قمت من الوضوء، وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو غيرها، فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك وضوءه لا شئ عليك فيه) (2).
وفي ثانيتهما: (إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه) (3).
بناء على رجوع ضمير (غيره) إلى الوضوء، ولا وجه لفهم القيدية في إحدى الطائفتين دون الأخرى (4)، وسيأتي التعرض لذلك إن شاء الله (5).