فالإنصاف: أن استقلال المالكين على ملك واحد مما لا يمكن عند العقلاء، ولا ترد النقوض المذكورة.
وأما ما ذكره أخيرا - بعد إيراد الإشكال بأن مقتضى استقلال الملكية جواز منع الغير، وهو مفقود في المقام أن هذا نحو من الملكية المستقلة، كالواجب التخييري والكفائي، حيث إنهما نحوان من الوجوب (1)، فهو من غريب الكلام، لأن لازم ذلك أن الملكية الغير المستقلة نحو من الملكية المستقلة، ضرورة أن معنى الاستقلال في الملكية هو الاستبداد والانفراد بها، والواجب التخييري نحو من الواجب، كما أن الملكية الغير المستقلة نحو من الملكية، لا نحو من الملكية المستقلة، فما ذكره نظير أن يقال: إن الواجب التخييري والكفائي نحوان من الواجب العيني والتعييني، وهو كما ترى، هذا حال الملكيتين المستقلتين على شئ واحد.
وأما اجتماع اليدين المستقلتين على شئ واحد فهو أيضا لا يجوز، ضرورة أن مقتضى استقلال الاستيلاء على شئ جواز منع الغير عن التصرف والد خالة فيه، واستبداد اليد المستقلة في تدبيره وتصرفه.
ألا ترى: أنه فرق واضح بين كون شئ تحت يد شخص واحد، يتصرف فيه بما يشاء، ويمنع تصرف غيره، أو يجيزه بأي نحو يشاء من إتلاف وإفساد وغيرهما، وبين كونه تحت يد شخصين يكون كل منهما متصرفا فيه، فإن تصرف كل واحد ليس كالأول، لعدم جواز منع تصرف الغير مطلقا، ولا إجازة غيره كذلك، وهل هذا إلا أثر استقلال الأولى، وعدمه في الثانية.
وقياس ذلك بجارين لشخص واحد وصاحبين له، ومؤانسين وأخوين مع الفارق، لأن تلك الإضافات لا تتصف بالاستقلال واللا استقلال، فإنها تتحقق بنفس