وتحديدها، كأكثر الحقائق الضرورية، فإن تحديدها في غاية الإشكال، وإن كانت معلومة مصداقا، فالماء والنار والنور مع كونها في غاية الظهور عند كل أحد لا يمكن للغالب تحديدها وتعريفها، وهذا لا يضر بوضوح الحقيقة وجدانا وعيانا.
وإن شئت قلت: إن الكسور أمور اعتبارية بنحو اللا تعين، في مقابل المفروز والمعين، وظرف الاعتبار وإن كان الذهن، لكن المعتبر خارجي، بمعنى أن العقلاء يعتبرون بعض الأمور في الخارج، فيتصف الخارج به اتصافا في نظرهم، لا في التكوين، فالملكية وسائر الأمور الاعتبارية العقلائية ظرف اعتبارها الذهن، وظرف اتصاف الأشياء بها الخارج، فالعين متصفة في الخارج بالمملوكية، والشخص بالمالكية، من غير أن تكون تلك الأوصاف عارضة لها في الخارج تكوينا.
فالكسر المشاع ليس من الأمور العينية التكوينية، ولا من الأمور الانتزاعية، ضرورة أن منشأ انتزاعه إن كان العين المعينة الخارجية، فلا يعقل أن يكون المنتزع من المعين مشاعا بما هو مشاع، وتوهم انتزاع الكلي من الجزئيات (1) فاسد، كما هو المقرر في محله (2)، وإن كان أمرا مبهما فلا يعقل الإبهام في الخارج.
فالتحقيق: أن الأعيان مع قطع النظر عن الاعتبار ليس لها الكسور خارجا، وهو واضح، ولا تكون منشأ لانتزاعها، وقابليتها للقسمة ليست منشأ انتزاعها، لأنها قابلة للأقسام المعينة، والكسر مشاع لا معين.
بل هي من الاعتبارات الصحيحة العقلائية في الموجود الخارجي، تتصف بها الأعيان اتصافا في محيط العقلاء، فتكون العين ذات نصف وثلث وربع هكذا بحسب الخارج، كما هي مملوكة خارجا، وهذا بوجه نظير بعض الأعراض التي يقال: إن عروضها في الذهن، واتصاف الأشياء بها في الخارج (3).