وبعبارة أخرى: أن حكم العقل دائما إنما يتعلق بالعناوين الكلية المبينة عنده، وعروض التركيب الخارجي لا يوجب الإهمال والإجمال في موضوعه تأمل (1).
وأما الثاني: فلأن الناقص إذا كان له ملاك آخر تام، يكون موضوعا مستقلا لحكم مستقل شرعي، كما أن التام مع وجود الملاك التام فيه يكون موضوعا لحكم آخر مستقل، لأن موضوعات الأحكام تلاحظ مجردة عن اللواحق الغريبة في مقام تعلق الأحكام بها، فالناقص - بما أنه شئ بحياله - قائم به الملاك، ملحوظ في مقام الموضوعية، ويتعلق به حكم، والتام أيضا كذلك، فلا يجري الاستصحاب فيه، للعلم بزوال الحكم الأول، والشك في وجود حكم آخر.
وجريان استصحاب الحكم الكلي في المقام (2) ممنوع، ولو على تسليم جريانه في الجملة، لأن الجامع بين الحكمين غير مجعول، بل المجعول هو كل واحد منهما مستقلا متعلقا بموضوعه، والجامع أمر انتزاعي عقلي غير متعلق للجعل، ولا موضوع لأثر شرعي، وفي مثله لا يجري الاستصحاب.
ومما ذكرنا يتضح الإشكال في الثالث، فإن العقل إذا أدرك المناط التام لموضوع يدرك أن حكم الشرع تعلق بهذا الموضوع بما هو هو، مع قطع النظر عن كلية اللواحق، ومع التجريد عنها، وإذا كان بحسب الواقع مناط قائم بعنوان أعم منه، لا بد وأن يتعلق به حكم آخر مستقل غير مرتبط بالحكم المتعلق بالعنوان الأخص، فالإشكال الوارد على الثاني وارد عليه أيضا.