فيكشف العقل منه الوجوب الشرعي، ثم يشك في صدق عنوان قبيح عليه مما هو راجح مناطا، فيقع الشك في الموضوع الخارجي بأنه حسن أو قبيح، وقد يكون بعكس ذلك.
مثال الأول: أن إنقاذ الغريق حسن عقلا، فقد يغرق مؤمن فيحكم العقل بلزوم إنقاذه، ويكشف الحكم الشرعي بوجوبه، ثم يشك في تطبيق عنوان الساب لله ورسوله عليه في حال الغرق، وحيث يكون تطبيق هذا العنوان عليه مما يوجب قبح إنقاذه، ويكون هذا المناط أقوى من الأول أو دافعا له، فيشك العقل في حسن الإنقاذ الخارجي وقبحه، ويشك في حكمه الشرعي.
مثال الثاني: أنه قد يكون حيوان غير مؤذ في الخارج، فيحكم العقل بقبح قتله، ثم يشك بعد بلوغه في صيرورته مؤذيا، فيشك في حكمه الشرعي، فاستصحاب الحكم العقلي في مثل المقامات مما لا مجال له، لأن حكم العقل مقطوع العدم، فإن حكمه فرع إدراك المناط، والمفروض أنه مشكوك فيه.
وأما الحكم الشرعي المستكشف منه - قبل الشك في عروض العنوان المزاحم عليه - فلا مانع من استصحابه، إذا كان عروض العنوان أو سلبه عن الموضوع الخارجي لا يضران ببقاء الموضوع عرفا، كالمثالين المتقدمين، فإن عنوان الساب والمؤذي من الطوارئ التي لا يضر عروضها وسلبها ببقاء الموضوع عرفا.
فتلخص مما ذكرنا: جواز جريان الاستصحاب في الأحكام المستكشفة من الحكم العقلي.