مقام الكشف والدلالة، لا بحسب الواقع، فيحتمل أن يكون هناك ملاك آخر بحسب الثبوت قائم بالناقص، غير المناط القائم بالكامل (1).
وثالثة: بأن مناط الحكم الشرعي يمكن أن يكون قائما بالأعم مما قام به مناط الحكم العقلي، فتكون دائرة حكمه أوسع، أي يكون مناط الحكم العقلي في الواجد للخصوصية، ومناط الحكم الشرعي في الأعم من الواجد والفاقد، ومع فقد الخصوصية الغير المقومة للموضوع عرفا يستصحب، لاحتمال بقاء الحكم الشرعي (2).
أقول: لا يخلو شئ من الإشكالات من نظر:
أما الأول: فلعدم تعقل كون العقل جازما بالمناط في موضوع مركب على سبيل الاجمال والإهمال، لأن من شأن العقل أن يحلل المركب والمقيد إلى أجزاء وقيود بسيطة، فيلاحظ كل جزء من غير انضمامه إلى الآخر، والمقيد والقيد من غير انضمام كل إلى الآخر، فإذا لاحظ جزءا فإما أن يدرك فيه الملاك أو لا، فإن أدرك فيه فإما أن يدرك فيه تمام الملاك أو بعضه:
فعلى الأول: يحكم بأن هذا الجزء تمام الموضوع، وسائر الأجزاء كالحجر إلى جنب الانسان.
وعلى الثاني: يلاحظ الأجزاء واحدا بعد واحد حتى يطلع على ما هو تمام مناط حكمه منضما إلى هذا الجزء.
وإن لم يدرك فيه الملاك: يقطع بأن حكمه بالحسن أو القبح غير ناش منه، فإن الملاك المشكوك فيه لا ينتج الحكم المقطوع به بالبداهة، فالإجمال في حكم العقل مما لا يعقل.