كما أن الظاهر من قوله: (حتى يستيقن أنه قد نام) أنه تمسك بأصالة عدم النوم، مع أن جريان الأصل المحكوم - مقدما على الحاكم أو في عرضه - خلاف التحقيق.
ويمكن أن يجاب: بأنه عليه السلام كان بصدد بيان جواب المسألة، أي شبهة نقض الوضوء وعدمه، لا بنحو الصناعة العلمية، وأن نكتة عدم وجوب الوضوء - بعد كونه على يقين من وضوئه ويقين من عدم نومه - هي جريان الأصل الحاكم أو المحكوم.
نعم: أفاد زائدا على جواب الشبهة: بأن هذا ليس مختصا بباب الوضوء، بل الميزان هو عدم نقض اليقين بالشك، وهذا كجواب المفتي للمستفتي في نظير المسألة، مع إرادة المفتي إلقاء قاعدة كلية تفيده في جميع الموارد، لا بيان المسألة العلمية، وكيفية جريان الأصول، وتمييز حاكمها من محكومها، فلا محيص حينئذ إلا من بيان نتيجة المسألة، وأن الوضوء المتيقن لا ينقض بالشك في النوم، وأما كون عدم نقضه لجريان أصالة بقاء الطهارة، أو أصالة عدم الناقض للوضوء، فهو أمر غير مرتبط بالمستفتي، فإن منظوره بيان تكليفه من حيث لزوم الإعادة وعدمه، لا الدليل عليه موافقا للصناعة.
لا يقال: إن النوم والوضوء ضدان، وأصالة عدم الضد لا تثبت الضد الآخر، فلا محيص إلا من إجراء استصحاب الوضوء.
فإنه يقال: إن النوم من النواقض الشرعية للوضوء، لا من الأضداد التكوينية، فالتعبد بعدم تحقق الناقض للوضوء تعبد ببقاء الوضوء شرعا، ويرفع الشك ببقاء الوضوء تأمل (1).
فتحصل من ذلك: أن معنى الرواية على هذا الاحتمال: " أنه إن لم يستيقن أنه قد نام فلا يجب عليه الوضوء، لأنه على يقين منه، وكل من كان على يقين من شئ لا ينقض يقينه بالشك أبدا ".