إكرامهم تصرف فيما يتعرض للاستمرار الزماني، فإذا كان ذلك في كلام واحد ودليل متصل كقوله " أكرم العلماء مستمرا " ينحل إلى عموم أفرادي يدل عليه الجمع المحلى باللام، وإلى استمرار الحكم الذي يدل عليه ظهور القيد الذي قام مقام مقدمات الحكمة في بعض المقامات، فيكون قوله: " لا تكرم زيدا " تخصيصا للعموم الأفرادي، و " لا تكرمه يوم الجمعة " تقطيعا لاستمرار الحكم، وكما يكون العموم حجة في البقية لدى العقلاء، يكون ظهور القيد في استمرار الحكم حجة فيما عدا مورد التقطيع القطعي لديهم.
ومما ذكرنا: يعلم حال الإطلاق المستفاد من دليل الحكمة، فلو فرض أن قوله:
* (أوفوا بالعقود) * كما يدل بالعموم اللغوي على الشمول الأفرادي يدل على الاستمرار الزماني بمقدمات الحكمة أو مناسبة الحكم والموضوع، بمعنى أن لزوم الوفاء بكل عقد مستمر، لا من قبيل العام المجموعي، بل بحيث تكون المخالفة في بعض الأزمان لا توجب سقوط المطلوبية بالنسبة إلى البقية، ثم دل دليل على عدم وجوب الوفاء بعقد كالعقد الربوي يكون مخصصا للعموم الأفرادي، ولا يكون مقيدا للإطلاق، بل رافعا لموضوعه.
وأما لو دل دليل على عدم وجوب الوفاء بعقد في زمان، كما لو انعقد الاجماع على عدم وجوب الوفاء بالعقد إذا ظهر الغبن إلى ساعة مثلا يكون هذا تقييدا لإطلاقه، لا تخصيصا لعمومه، لأن التخصيص عبارة عن اخراج ما يشمله العموم إخراجا حكميا، والعموم اللغوي يدل على دخول تمام أفراد العقود في وجوب الوفاء من غير تعرض لحالات الأفراد وأزمانها، ودليل المخرج لا يدل على خروج فرد من العام رأسا حتى يكون تخصيصا، بل يدل على خروجه في زمان، وهذا مخالف لظهور الإطلاق في الاستمرار، فإذا شك فيما بعد الساعة في لزوم العقد يرجع إلى الشك في زيادة التقييد