النجاسة المعلومة بالإجمال، بأن يشك في أن الثوب الذي علم كون أحد طرفيه نجسا هل غسل أم لا؟ يجري استصحاب الكلي، ولا يثبت كون ملاقي جميع أطرافه نجسا، لما عرفت.
لكن هاهنا استصحاب آخر: هو استصحاب الفرد المردد، وأثره نجاسة ملاقي جميع الأطراف، فإن التعبد بنجاسة هذا الطرف أو هذا الطرف بنحو الفرد المردد يكون أثره نجاسة ملاقي الطرفين من غير شبهة المثبتية، فهو كاستصحاب نجاسة الطرف المعين من حيث إن ملاقيه محكوم بالنجاسة، والفرق بينه وبين استصحاب الكلي واضح، فإن استصحاب أصل النجاسة في الثوب لا يثبت أن هذا الطرف أو هذا الطرف نجس، وكذا استصحاب الشخص الواقعي، وأما استصحاب الفرد المردد فهو كالمعين، فلا إشكال في جريانه وترتيب أثر النجاسة على ملاقيه (1).
وما يقال: من أن الفرد المردد لا وجود له حتى يجري الاستصحاب فيه (2)، ليس بشئ، ضرورة جواز التعبد به وترتيب الأثر عليه كالواجب التخييري، لكنه محل إشكال، والقياس بالواجب التخييري مع الفارق، لأن الواجب التخييري نحو وجوب على نعت التخيير، ولا يكون له واقع معين عند الله مجهول عندنا، بخلاف ما نحن فيه، فإن النجس له واقع معين ومجهول عندنا، فالمعلوم هو النجس الواقعي المعين، فيجري الاستصحاب فيه، لا في الفرد المردد، ولازمه عدم نجاسة ملاقي الأطراف، ولا بأس به.
اللهم إلا أن يقال في المثال: إني عالم بأن الشارع حكم بنجاسة هذا الطرف المعين أو ذاك، والملاقي لهما ملاق لمستصحب النجاسة وجدانا، وهذا هو الفارق بينه وبين