الجواب عن الشبهة العبائية المعروفة (1)، فإنه مع تطهير أحد طرفي الثوب لا يجري استصحاب الفرد المردد، ولكن جريان استصحاب النجاسة وإن كان مما لا مانع منه، لأن وجود النجاسة في الثوب كان متيقنا، ومع تطهير أحد طرفيه يشك في بقائه فيه، إلا أنه لا يترتب على ملاقاة الثوب أثر ملاقاة النجس، فإن استصحاب بقاء الكلي أو الشخص الواقعي، لا يثبت كون ملاقاة الأطراف ملاقاة النجس إلا بالأصل المثبت، لأن ملاقاة الأطراف ملاقاة للنجس عقلا.
وليس لأحد أن يقول: إنه بعد استصحاب نجاسة الثوب تكون الملاقاة معها وجدانية، لأن ما هو وجداني هو الملاقاة مع الثوب لا مع النجس، واستصحاب بقاء النجاسة بالنحو الكلي وكذا استصحاب النجس الذي كان في الثوب، أي الشخص الواقعي لا يثبت أن الملاقاة مع الثوب بجميع أطرافه ملاقاة للنجاسة إلا بالاستلزام العقلي، وفرق واضح بين استصحاب نجاسة طرف معين من الثوب، وبين استصحاب نجاسة فيه بنحو غير معين، فإن ملاقاة الطرف المعين المستصحب النجاسة ملاقاة للنجس المستصحب وجدانا، فإذا حكم الشارع بأن هذا المعين نجس ينسلك في كبرى شرعية هي: " أن ملاقي النجس نجس " وأما كون ملاقاة جميع الأطراف ملاقاة للنجس الكلي أو الواقعي فيكون بالاستلزام العقلي.
ألا ترى أنه لو وجب عليه إكرام عالم، وكان في البيت شخصان يعلم كون أحدهما عالما، فخرج أحدهما من البيت، وبقي الآخر يجري استصحاب بقاء العالم في البيت، ويترتب عليه أثره لو كان له أثر، لكن لا يثبت كون الشخص الموجود عالما ليكون إكرامه عملا بالتكليف، بخلاف ما لو كان زيد عالما وشك في بقاء علمه، فإن استصحاب كونه عالما يكفي في كون إكرامه مسقطا للتكليف، كما أنه لو شك في زوال