الشبهة العبائية المدفوعة بما تقدم (1) فتدبر.
وأما ما ادعاه بعض أعاظم العصر رحمه الله في مقام الجواب عن الشبهة العبائية:
من منع جريان استصحاب الكلي فيما إذا كان الترديد في محل المتيقن لا في نفسه، كما لو علم بوجود حيوان في الدار، وتردد بين أن يكون في الجانب الشرقي أو الغربي منها، ثم انهدم الجانب الغربي واحتمل تلف الحيوان، أو علم بإصابة العباء نجاسة خاصة، وتردد محلها بين الطرف الأسفل والأعلى، ثم طهر طرفها الأسفل، فلا يجري الاستصحاب، ولا يكون من الاستصحاب الكلي، لأن المتيقن أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه، وإنما الترديد في المحل، فهو أشبه باستصحاب الفرد المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد، وليس من الاستصحاب الكلي، ومنه يظهر الجواب عن الشبهة العبائية المشهورة (2).
ففيه ما لا يخفى: فإن استصحاب الفرد المردد عبارة عن استصحابه على ما هو عليه من الترديد، وهو غير جار في المقام، وليس المقام شبيها به، بل المراد بالاستصحاب في المقام هو استصحاب بقاء الحيوان في الدار من غير تعيين محله، وكذا استصحاب بقاء النجاسة في الثوب من غير تعيين كونها في هذا الطرف أو ذاك، ومن غير إرادة الجريان في الفرد المردد، ضرورة أنه مع تطهير الطرف الأسفل من الثوب ينقطع الترديد، ولا مجال لاستصحاب المردد، بل ما يراد استصحابه هو بقاء الحيوان في الدار والنجاسة في العباء، وهذا استصحاب الكلي، وكون الحيوان الخاص فردا جزئيا حقيقيا لا ينافي استصحاب الكلي كما لا يخفى، كما أن استصحاب الشخص الخاص والجزئي الحقيقي - كاستصحاب بقاء زيد في الدار، وبقاء النجاسة المتحققة الخارجية الجزئية في الثوب -