اعتبارهما، أو اعتبار الشك دون اليقين، أو العكس، وجوها واحتمالات:
من أن الظاهر من أخذ العناوين في الأحكام هو الموضوعية والدخالة.
ومن أن العناوين المرآتية كاليقين والعلم وأمثالهما لو اخذت في موضوع حكم، يكون الظاهر منها هو كون الموضوع هو المرئي بها لا المرآة، وأن الشك في قوله: (لا ينقض اليقين بالشك) (1) لم يؤخذ موضوعا، بل الظاهر اسقاط الشك وعدم صلاحيته لنقض اليقين.
ومن أن اليقين غير مأخوذ في الموضوع لما ذكر في الوجه الثاني، ولكن الظاهر من الأدلة، هو التعبد بالبقاء في زمان الشك، ومن هنا يظهر وجه الاحتمال الآخر.
والأقوى هو الأول، فإن الظاهر من جميع أدلة الاستصحاب، هو أن اليقين المقابل للشك لأجل كونه أمرا مبرما لا ينقض بالشك، وأن العناية في التعبد في زمان الشك إنما تكون لأجل مسبوقيته باليقين.
وبالجملة: لا يجوز رفع اليد عن اليقين والشك بعد ظهور الأدلة في كون العناية بهما، وأنه لا ينبغي رفع اليد عن اليقين الذي هو حجة مبرمة بالشك الذي هو غير حجة وغير مبرم، ولا ينافي موضوعيتهما كون الاستصحاب ناظرا إلى ترتيب آثار الواقع ومعتبرا لأجل التحفظ عليه، كما هو كذلك في باب أداء الشهادة (2)، فإن العلم مع كونه تمام الموضوع له يعتبر لأجل التحفظ على الواقع، وذلك لأن أخذ اليقين موضوعا إنما هو جهة تعليلية لحفظ الواقع، من غير تقيد بإصابته، أو تركيب بينها وبين الواقع في الموضوعية، أو كون الواقع تمام الموضوع.