قول المستأجر نظر، إذ الوجه في تقديمه أصالة الصحة، وكون منافع الدار في هذه السنة للمستأجر لازم عقلي لصحة الإجارة المذكورة، للعلم بأن الإجارة - المرددة بين ما يقوله المؤجر وما يقوله المستأجر - لو كانت صحيحة، لوقعت على ما يقوله المستأجر. وتحقيق هذا البحث يقتضي التكلم في مقامين: (المقام الأول) - في صحة الإجارة وفسادها فيما إذا قال المؤجر آجرتك كل شهر بدرهم. (المقام الثاني) - في حكم الاختلاف المذكور على القول بالصحة وعلى القول بالفساد.
(أما المقام الأول) فالمشهور فيه فساد الإجارة، لعدم تعيين المدة. وهو شرط في صحة الإجارة. وذهب بعضهم إلى صحتها بالنسبة إلى الشهر الأول، وفسادها بالنسبة إلى غيره، وهو التحقيق، أما الفساد بالنسبة إلى غير الشهر الأول، فلعدم معلومية المدة، بل ربما تكون غررية، كما إذا اختلفت الأجرة في الشهور كما في المشاهد المشرفة، فان إجارة الدار في أيام الزيارة ليست متساوية مع غيرها، وأما الصحة بالنسبة إلى الشهر الأول، فلان عقد البيع والإجارة وأمثالهما وان كان بحسب اللفظ واحدا، إلا أنه بحسب اللب ينحل إلى عقود متعددة بتعدد المتعلق. فقوله: - آجرتك الدار كل شهر بدرهم - ينحل إلى إجارات متعددة بتعدد الشهور، فلا مانع من صحة الإجارة بالنسبة إلى الشهر الأول، لكون المدة معلومة، ولا يضر بها بطلان الإجارة بالنسبة إلى غيره. ولذا ذكرنا أن بيع ما يملك وما لا يملك وبيع ما يملك وما لا يملك صحيح، بالنسبة إلى ما يملك وما يملك. و (الأول) - كما إذا باع منا من الحنطة من ماله، ومنا من الحنطة من مال زيد بدرهمين، وقال: بعتك منين من الحنطة كل من بدرهم، فلم يمضه زيد. و (الثاني) - كما إذا باع شاة وخنزيرا، وقال: بعتك الشاة والخنزير كل واحدة منهما بدرهم، فالبيع - من هذه الجهة نظير العام الاستغراقي - ينحل إلى بيوع متعددة بحسب تعدد افراد المبيع، بل ينحل بحسب اجزاء مبيع واحد