ولو لم يجر الاستصحاب في الموضوع لمانع كابتلائه بالمعارض. وذلك، لعدم احراز بقاء الموضوع، فلم يحرز اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها. وأما إذا كان الشك في الحكم الكلي لاحتمل النسخ، فلا يجري الاستصحاب فيه، لان النسخ بمعنى الرفع مستحيل في حقه تعالى. والنسخ بمعنى الدفع يرجع الشك في حدوث التكليف لا في بقائه، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه، فان كان لدليل الحكم إطلاق يتمسك به ويحكم ببقاء الحكم المجعول فهو، وإلا فيرجع إلى الأدلة الخارجية من قوله (ع):
" حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال إلى يوم القامة... " وقد تقدم تفصيل ذلك في التنبيه السابع، فراجع.
وأما إذا كان الشك في الحكم الكلي من غير ناحية النسخ، ففيه تفصيل، إذ الشك - في بقاء الحكم من غير ناحية النسخ - لا يعقل إلا مع حدوث تغير في الموضوع. وهذا التغير الذي أوجب الشك في الحكم على ثلاثة أقسام:
(الأول) - أن يكون القيد الذي تغير بانقلاب الوجود إلى العدم أو العكس مقوما للموضوع بنظر العرف، بحيث لو ثبت الحكم مع عروض التغير كان حكما جديدا لموضوع آخر لا بقاء الحكم للموضوع الأول - كما في جواز التقليد - فان موضوعه العالم، فلو زال عنه العلم وصار جاهلا يكون موضوعا آخر، إذا العلم مقوم لموضوع جواز التقليد في نظر العرف. والعالم والجاهل موضوعان لا موضوع واحد تغيرت حالة من حالاته، ففي مثل ذلك لا مجال لجريان الاستصحاب لعدم صدق النقض على عدم ترتيب أثر اليقين السابق حين الشك، فلا يكون مشمولا لأدلة الاستصحاب. وظهر بما ذكرناه فساد الاستدلال على نجاسة أولاد الكفار بالاستصحاب، لكونهم نجسين حل كونهم منيا أو دما ولم يدل دليل على طهارتهم بعد ذلك، كما دل على طهارة ولد المسلم. وذلك، لتعدد الموضوع وعدم اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها فولد الكافر - على تقدير نجاسته -