شهر رمضان المترتب على عدم طلوع الفجر، لقوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود...) فلا اشكال في ترتبها باستصحاب عدم العند: فإذا شك في طلوع الفجر، فلا اشكال في جريان استصحاب عدمه حتى على القول بعدم جريانه في الزمان. ومن هذا القبيل ما ورد من الروايات الدالة على امتداد وقت صلاة الظهرين إلى غروب الشمس، وامتداد وقت صلاة العشاءين إلى انتصاف الليل: فإذا شك في الغروب أو انتصاف الليل يجري استصحاب العدم بلا اشكال.
وهذا الاستصحاب في الحقيقة خارج عن محل الكلام، لان الكلام إنما هو في استصحاب نفس الزمان بالنسبة إلى الآثار المترتبة عليه. وأما جريان استصحاب العدم عند الشك في الحدوث، فلا يفرق الحال فيه بين الزمان وغيره.
ثم إن ما ذكرناه - من عدم المانع في جريان الاستصحاب في الزمان - إنما هو فيما إذا كان الزمان متمحضا في الشرطية: بأن كان شرطا للحكم الشرعي من التكليف أو الوضع. وأما إذا كان قيدا لمتعلق التكليف كما إذا كان ظرفا للواجب مثلا:
كما إذا أمر المولى بالامساك الواقع في النهار، فإذا شك في بقاء النهار، ففي جريان الاستصحاب فيه إشكال، لأنه باستصحاب النهار لا يثبت وقوع الامساك في النهار إلا على القول بالأصل المثبت، فان وقوع الامساك في النهار لازم عقلي لبقاء النهار.
ولذا عدل الشيخ وتبعه المحقق النائيني (ره) عن جريان الاستصحاب في الزمان في مثله إلى جريانه في الحكم، بأن نقول بعد الشك في بقاء النهار: إن وجوب الامساك الواقع في النهار كان ثابتا قبل هذا، فالآن كما كان. وهذا العدول مما لا يسمن ولا يفيد في دفع الاشكال، لان استصحاب الحكم إن كان يمكن به إثبات أن الامساك واقع في النهار، فيمكن إثباته باستصحاب الزمان، لأنه باستصحابه يترتب الحكم وهو الوجوب، وباثباته يثبت أن الامساك واقع في النهار على الفرض، فلا نحتاج إلى العدول