وهذا الجواب غير تام، فان الاشكال ليس في تسمية الاستصحاب الجاري في مسألة العباء باستصحاب الكلي، بل الاشكال إنما هو في أن جريان استصحاب النجاسة لا يجتمع مع القول بطهارة الملاقي لاحد أطراف الشبهة، سواء كان الاستصحاب من قبيل استصحاب الكلي أو الجزئي، فكما أنه لا مانع من استصحاب حياة زيد في المثال الأول، كذلك لا مانع من جريان الاستصحاب في مسألة العباء. وأما المثال الثاني فالاستصحاب فيه معارض بمثله، فان أصالة عدم تلف درهم زيد معارض بأصالة عدم تلف درهم غيره، ولو فرض عدم الابتلاء بالمعارض لا مانع من جريان الاستصحاب فيه، كما إذا اشتبه خشبة زيد مثلا بين أخشاب لا مالك لها لكونها من المباحات الأصلية فتلف أحدها، فتجري أصالة عدم تلف خشبة زيد بلا معارض.
و (الجواب الثاني) - أن الاستصحاب المدعى في المقام لا يمكن جريانه في مفاد كان الناقصة، بأن يشار إلى طرف معين من العباء ويقال: إن هذا الطرف كان نجسا وشك في بقائها، فالاستصحاب يقتضي نجاسته. وذلك، لان أحد طرفي العباء مقطوع الطهارة والطرف الآخر مشكوك النجاسة من أول الامر، وليس لنا يقين بنجاسة طرف معين يشك في بقائها ليجري الاستصحاب فيها. نعم يمكن اجراؤه في مفاد كان التامة بأن يقال إن النجاسة في العباء كانت موجودة وشك في ارتفاعها فالآن كما كانت، إلا أنه لا تترتب نجاسة الملاقي على هذا الاستصحاب إلا على القول بالأصل المثبت، لان الحكم بنجاسة الملاقي يتوقف على نجاسة ما لاقاه وتحقق الملاقاة خارجا. ومن الظاهر أن استصحاب وجود النجاسة في العباء لا يثبت ملاقاة النجس إلا على القول بالأصل المثبت، ضرورة أن الملاقاة ليست من الآثار الشرعية لبقاء النجاسة، بل من الآثار العقلية. وعليه فلا تثبت نجاسة الملاقي للعباء. ونظير ذلك ما ذكره شيخ (ره) في استصحاب الكرية فيما إذا غسلنا متنجسا بماء يشك في بقائه