أو بدونه، فجميع هذه الخصوصيات غير داخلة في المأمور به. ومعنى كون القنوت مثلا جزء مستحبا للصلاة أنه قد أمر به استقلالا. غاية الامر كون الصلاة ظرفا لوقوعها، وأن وقوعها في الصلاة موجب لكثرة ثوابها. وبهذا يفترق عن الدعاء المأثور في شهر رمضان، فان الصوم وإن كان ظرفا لوقوعه أيضا، إلا أن الدعاء المذكور عبادة بنفسه، ويترتب الثواب عليه، كما يترتب على الصوم، لا أنه يوجب كثرة ثواب الصوم.
فتلخص بما ذكرناه أن إطلاق الجزء على الأمور المستحبة مسامحة في التعبير، وليست باجزاء حقيقة. ولا مجال لجريان قاعدة التجاوز عند الشك في جزء من المركب بعد الدخول في أمر مستحب، كالشك في القراءة مع الدخول في القنوت، وكذا الشك في التكبير بعد الدخول في الاستعاذة. ويعرف مما ذكرناه حكم جملة من الفروع التي ذكرها السيد (ره) في العروة في الختام المتعلق بالعلم الاجمالي، فراجع.
أما المقدمات - كما إذا شك في الركوع حال الهوي إلى السجود، أو شك في السجود حال النهوض إلى القيام - فاختار بعضهم جريان قاعدة التجاوز في المقامين، لشمول الغير للمقدمات أيضا. وذهب جماعه - منهم المحقق النائيني (ره) - إلى عدم جريانها في المقامين. وهذا هو الصحيح - أما مع قطع النظر عن النصوص الواردة في المقامين، فلان جريان القاعدة منوط بصدق التجاوز والخروج عن محل الشئ المشكوك فيه، كما تقدم. ولا يصدق هذا المعنى عند الدخول في المقدمات، لعدم كونها من الاجزاء، إذ لم يدل دليل على كون الهوي أو النهوض معتبرا في الصلاة، بل لا يعقل كونهما من الاجزاء وتعلق الامر الضمني بهما، إذ بعد الامر بالسجود يكون الهوي حاصلا لا محالة، لامتناع الطفرة. وعلى تقدير إمكانها في نفسها لا تكون مقدورة للمكلف، فيكون الامر به لغوا. وكذا النهوض مما لابد منه بعد الامر