بكون الحركة المتصلة موجودا واحدا، وأن الاتصال مساوق الوحدة، فلا اشكال في جريان الاستصحاب فيها، حتى بناء على اعتبار وحدة الموضوع بالدقة العقلية فضلا عن اعتبار الوحدة العرفية. وان قلنا بكون الحركة مركبة من الحركات اليسيرة الكثيرة بحيث يكون كل جزء من الحركة موجودا منحازا عن الجزء الاخر، فلا ينبغي الاشكال في جريان الاستصحاب فيها أيضا، لكون الموضوع واحدا بنظر العرف وان كان متعددا بالدقة العقلية.
ثم انه بناء على ما ذكرناه من عدم اختصاص حجية الاستصحاب بموارد الشك في الرافع، يجري الاستصحاب في الحركة سواء كان الشك في بقائها مستندا إلى الشك في المقتضي، كما إذا علمنا بحركة زيد من النجف إلى الكوفة وشككنا في أنه قاصد للحركة إليها فقط أو إلى الحلة أيضا، فبعد الوصول إلى الكوفة نشك في بقاء الحركة من جهة الشك في المقتضي، أو كان الشك في بقاء الحركة مستندا إلى الشك في الرافع، كما إذا علمنا بكونه قاصدا للحلة ولكن لا ندري أنه هل عرض له مانع أم لا؟ أو كان الشك في بقاء الحركة مستندا إلى احتمال حدوث المقتضي الجديد مع العلم بارتفاع المقتضي الأول، كما إذا علمنا بأنه كان قاصدا للكوفة فقط، لكن نحتمل حدوث البداء له في الحركة إلى الحلة، فاحتمال بقاء الحركة مستند إلى احتمال حدوث المقتضي الجديد، وتجري هذه الصور الثلاث عند الشك في بقاء جريان والسيلان أيضا، فان الشك في بقاء جريان الماء مثلا أو سيلان الدم في باب الحيض تارة يكون مستندا إلى الشك في المقتضي، كما إذا شككنا في بقاء الجريان من جهة الشك في بقاء المادة للماء، وأخرى يكون مستندا إلى الشك في الرافع، كما إذا علمنا بقاء الماء وشككنا في بقاء الجريان لاحتمال حدوث مانع منه، وثالثة يكون مستندا إلى احتمال حدوث مادة أخرى مع العلم بانتفاء المادة الأولى، فيجري الاستصحاب في جميع هذه الصور.