الصلاة - قد دلتا على أن حال اجزاء الصلاة حال المركبات المستقلة في عدم الاعتناء بالشك فيها فيما إذا كان الشك بعد الدخول في الجزء الآخر، وعليه يكون التجاوز عن محل الجزء المشكوك فيه بمنزلة التجاوز عن المركب. هذا ملخص كلامه (ره).
وفيه أنه لا وجه لتخصيص قاعدة الفراغ بالشك في صحة الكل، لشمول أدلتها للشك في صحة الجزء أيضا بعد الفراغ منه، كما إذا شك في صحة التكبير بعد الدخول في القراءة، فان مثل قوله (ع) - في موثقة ابن بكير: " كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو " - يشمل الشك في صحة الجزء أيضا، لان لفظ الشئ يعم الجزء والكل. ولو قلنا بكون قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز قاعدتين مستقلتين، لم يكن الميز بينهما باختصاص قاعدة الفراغ بالشك في الكل واختصاص قاعدة التجاوز بالشك في الجزء، بل الفرق بينهما إنما هو باختصاص قاعدة الفراغ بالشك في الصحة مع فرض الوجود، واختصاص قاعدة التجاوز بالشك في الوجود دون الصحة.
وإن كان التحقيق رجوع الشك في الصحة أيضا إلى الشك في الوجود، ولذا التزمنا بامكان كونهما قاعدة واحدة. وأما موثقة ابن أبي يعفور، فلا يصح الاستدلال بها لقاعدة الفراغ، لان الضمير في قوله (ع): " وقد دخلت في غيره " إن كان راجعا إلى الشئ، كان مفادها قاعدة التجاوز في باب الوضوء. وهو خلاف الاجماع والنصوص الدالة على عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء. وإن كان راجعا إلى الوضوء، كان مفادها قاعدة الفراغ كما ذكره. والظاهر رجوعه إلى الشئ كسائر الروايات المذكورة فيها التجاوز عن الشئ المشكوك فيه، ولا أقل من تساوي احتماله مع احتمال الرجوع إلى الوضوء، فلا يكون ظاهرا في الرجوع إلى الوضوء، فهي مجملة ساقطة عن مقام الاستدلال بها. ولو سلمنا كونه ظاهرا أو صريحا في الرجوع إلى الوضوء، فكان مفادها قاعدة الفراغ أصلا وعكسا، بمعنى عدم وجوب الاعتناء