أقول: أما ما ذكره الشيخ (ره) - من كون الأصل المثبت حجة مع خفاء الواسطة لكون الأثر مستندا إلى ذي الواسطة بالمسامحة العرفية - ففيه أنه لا مساغ للاخذ بهذه المسامحة، فان الرجوع إلى العرف إنما هو لتعيين مفهوم اللفظ عند الشك فيه أو في ضيقه وسعته مع العلم بأصله في الجملة، لان موضوع الحجية هو الظهور العرفي، فالمرجع الوحيد في تعيين الظاهر هو العرف، سواء كان الظهور من جهة الوضع أو من جهة القرينة المقالية والحالية، ولا يجوز الرجوع إلى العرف والاخذ بمسامحاتهم بعد تعيين المفهوم وتشخيص الظهور اللفظي، كما هو المسلم في مسألة الكر، فإنه بعد ما دل الدليل على عدم انفعال الماء إذا كان بقدر الكر الذي هو الف ومأتا رطل، ولكن العرف يطلقونه على أقل من ذلك بقليل من باب المسامحة، فإنه لا يجوز الاخذ بها والحكم بعدم انفعال الأقل، بل يحكم بنجاسته. وكذا في مسألة الزكاة بعد تعيين النصاب شرعا بمقتضى الفهم العرفي من الدليل لا يمكن الاخذ بالمسامحة العرفية، ففي مثل استصحاب عدم الحاجب إن كان العرف يستظهر من الأدلة أن صحة الغسل من آثار عدم الحاجب مع صب الماء على البدن، فلا يكون هذا استثناء من عدم حجية الأصل المثبت، لكون الأثر حينئذ أثرا لنفس المستصحب لا للازمه، وإن كان العرف معترفا بأن المستظهر منها أن الأثر أثر للواسطة - كما هو الصحيح - فان رفع الحدث وصحة الغسل من آثار تحقق الغسل لامن آثار عدم الحاجب عند صب الماء، فلا فائدة في خفاء الواسطة بعد عدم كون الأثر أثرا للمستصحب، فهذا الاستثناء مما لا يرجع إلى محصل.
وأما ما ذكره صاحب الكفاية (ره) - من حجية الأصل المثبت فيما إذا لم يمكن التفكيك في التعبد بين المستصحب ولازمه عرفا، أو كانت الواسطة بنحو يعد أثرها أثرا للمستصحب لشدة الملازمة بينهما - فصحيح من حيث الكبرى، فإنه لو ثبتت