إلى الأصل المذكور، يثبت وجود الغسل في الخارج ويحكم برفع الحدث، ففيه أنه لا ملازمة بين التعبد بالعلة الناقصة والتعبد بالمعلول عرفا، كيف؟ ولو استثني من الأصل المثبت هذا، لما بقي في المستثنى منه شئ، ويلزم الحكم بحجية جميع الأصول المثبتة، فان الملزوم ولازمه إما أن يكونا من العلة الناقصة ومعلولها، وإما ان يكونا معلولين لعلة ثالثة. وعلى كلا التقديرين يكون استصحاب الملزوم موجبا لاثبات اللازم بناء على الالتزام بهذه الملازمة، فلا يبقى مورد لعدم حجية الأصل المثبت.
فالذي تحصل مما ذكرناه عدم حجية الأصل المثبت مطلقا، لعدم دلالة اخبار الباب على أزيد من التعبد بما كان متيقنا وشك في بقائه، فلا دليل على التعبد بآثار ما هو من لوازم المتيقن.
ثم إنه قد تمسك جماعة من القدماء في عدة من الفروع بالأصل المثبت، إما لأجل الالتزام بحجيته، وإما لأجل عدم الالتفات إلى عدم شمول الأدلة له، فان مسألة عدم حجية الأصل المثبت من المسائل المستحدثة، ولم تكن معنونة في كلمات القدماء. وكيف كان ينبغي لنا التكلم في جملة من هذه الفروع التي نسب إليهم التمسك فيها بالأصل المثبت:
(الفرع الأول) - ما إذا لاقى شئ نجسا أو متنجسا، وكان الملاقي أو الملاقى رطبا قبل الملاقاة، فشككنا في أن الرطوبة كانت باقية حين الملاقاة أم لا؟
فتمسكوا باستصحاب الرطوبة وحكموا بنجاسة الملاقي، فان قلنا بكون موضوع التنجس بالملاقاة مركبا من الملاقاة والرطوبة في أحد الطرفين، فلا اشكال في جريان استصحاب الرطوبة ولا يكون من الأصل المثبت، لان أحد جزئي الموضوع محرز الوجدان وهو الملاقاة، والجزء الاخر محرز بالأصل وهو الرطوبة، فيترتب الأثر حينئذ وهو الحكم بنجاسة الملاقي. وان قلنا بأن موضوعه هي السراية وأنه لا يحكم بنجاسة الملاقي - ولو مع العلم