على المكلف في مقام الامتثال تطبيق الطبيعة بالعالم غير الفاسق هذا.
وفيه (أولا) - أنه مجرد استحسان. وقد ذكرنا أن الميزان في التقديم كون أحد الدليلين قرينة على التصرف في الاخر بحسب فهم العرف، كالدليل الحاكم بالنسبة إلى الدليل المحكوم، والمقام ليس كذلك، إذ الاطلاقان في مرتبة واحدة من الظهور، لتوقف كليهما على جريان مقدمات الحكمة، فمجرد كون تقديم أحدهما موجبا لرفع اليد عن الحكم دون الاخر، لا يوجب كون الاخر قرينة على التصرف فيه.
و (ثانيا) - أن الاطلاق البدلي لا ينفك عن الاطلاق الشمولي أبدا، فان قوله - أكرم عالما - حكم بوجوب اكرام فرد من العالم على البدل. وهو يستلزم ترخيص العبد بتطبيق هذه الطبيعة في ضمن اي فرد شاء. ولا خفاء في أن الحكم الترخيصي أيضا من وظائف المولى، فان له أن يمنع عن التطبيق في ضمن فرد خاص تحريما أو تنزيها، أو يجعل التطبيق في ضمن فرد مستحبا أو يرخص المكلف في التطبيق في ضمن أي فرد شاء، كما هو ظاهر الاطلاق، فالحكم بوجوب إكرام فرد من العالم على البدل يدل على الترخيص بتطبيق طبيعة العالم في ضمن أي فرد شاء. وهذا الحكم الترخيصي متعلق بالمطلق على نحو الشمول، كما هو ظاهر، فكما أن تقديم الاطلاق البدلي يوجب رفع اليد عن الحكم في الاطلاق الشمولي بالنسبة إلى بعض الافراد، كذلك تقديم الاطلاق الشمولي أيضا يوجب رفع اليد عن الحكم بالنسبة إلى بعض الافراد غاية الامر أنه يوجب رفع اليد عن الحكم الترخيصي لا الحكم الإلزامي.
(الثاني) - أن الاطلاق البدلي يحتاج إلى مقدمة زائدة عما تجري في الاطلاق الشمولي من مقدمات الحكمة. وهي إحراز كون الافراد متساوية الاقدام في تحصيل غرض المولي. والوجه في ذلك أن الافراد في الاطلاق الشمولي لا يلزم أن تكون