أقول: أما ما ذكره - من حيث الكبرى من صحة جريان الاستصحاب باعتبار الأثر المجعول بالتبع - فهو صحيح، لعدم الدليل على اعتبار كون الأثر مجعولا بالاستقلال. وأما من حيث الصغرى وتطبيق هذه الكلية على محل الكلام، فغير تام، لان الشرطية ليست من آثار وجود الشرط في الخارج كي تترتب على استصحاب الشرط، بل هي منتزعة في مرحلة الجعل من أمر المولى بشئ مقيدا بشئ آخر، بحيث يكون التقييد داخلا والقيد خارجا، فشرطية الاستقبال للصلاة تابعة لكون الامر بالصلاة مقيدا بالاستقبال، سواء وجد الاستقبال في الخارج أم لا، فكما أن أصل وجوب الصلاة ليس من آثار الصلاة الموجودة في الخارج، فان الصلاة واجبة أتى بها المكلف في الخارج أم لم يأت بها، فكذا اشتراط الصلاة بالاستقبال ليس من آثار وجود الاستقبال في الخارج، فان الاستقبال شرط للصلاة وجد في الخارج أم لا. وعليه فلا تترتب الشرطية على جريان الاستصحاب في ذات الشرط.
وهذا بخلاف الحرمة والملكية ونحوهما من الأحكام التكليفية أو الوضعية المترتبة على الوجودات الخارجية، فإذا كان في الخارج خمر وشككنا في انقلابه خلا، تجري الاستصحاب في خمريته فنحكم بحرمته ونجاسته بلا اشكال.
وظهر بما ذكرناه أنه لا يجري الاستصحاب في نفس الشرطية أيضا، إذا شك في بقائها لاحتمال النسخ، أو لتبدل حالة من حالات المكلف، فان الشرطية كما عرفت منتزعة من الامر بالمقيد، فيجري الاستصحاب في منشأ الانتزاع، وتنتزع منه الشرطية، فلا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب في نفس الشرطية. هذا إذا قلنا بجريان الاستصحاب عند الشك في النسخ وفي الاحكام الكلية، وإلا فلا مجال للاستصحاب عند الشك في بقاء الشرطية أصلا.
فالمتحصل مما ذكرناه أنه لا يندفع الاشكال المعروف في جريان الاستصحاب